ربمّا يحتاج المغّني الصوفي أن يجول بين ليفربول ومانشستر ولندن في مجموعة حفلات متّقدة، ومن ثم يعود أدراجه سريعاً إلى «باب شرقي» في دمشق. هذا ما حصل مع المغنّي والملحّن السوري بشّار زرقان الذي أنهى جولة في المملكة المتحدة مع فرقة «على الحائط» ثم عاد أدراجه سريعاً إلى الشام. هكذا، يطّل صباحاً من شرفة بيته على مزيج من تجّلي أقدم عاصمة في التاريخ، والخراب الذي بات يسيّجها، دون أن يتبدد شيء من روحانية المشهد عند مطلع اليوم من منصة «المشرقة» الشامية، تحت دالية العنب! في هذه الأجواء، يمكن لأدواته الإبداعية أن تتمرّن بصرياً وحياتياً على إحالة الأرض الصلبة إلى تربة خصبة، عسى أن ينبت فيها فن مختلف! قد يخطر في بال عشاق الغناء الذي يقدّمه زرقان والنمط الذي ينتهجه منذ ثلاثة عقود اسم مواطنته فايا يونان! المغنية الشابة بعثتها السوشال ميديا نجمة منذ انطلاقتها الأولى، ثم تعاونت مع كتّاب وملحنين وموزعين مكرّسين أبرزهم خالد الهبر في أغنية «بيناتنا في بحر» (2017) وظلّت ملتزمة بنوعية معينة من الغناء يغلب عليها طابع القصيدة والنمط الرصين والملتزم حتى أنها لحّنت لنفسها «يا ليته يعلم» (شعر علي بن الجهم) ثم جالت عواصم عديدة في سلسلة حفلات مهمة!
بشّار زرقان
يبدو أن حديثاً واجتماعات تدور بين زرقان ويونان وبينهما الشاعر السوري هاني نديم، لانجاز أعمال غنائية مشتركة، بعضها يكون صوفياً ربمّا يلحّنه بشار وتغنيه فايا، وبعضها الآخر قصائد من كلمات صاحب ديوان «متحف الوحشة» وألحان زرقان وغناء فايا. الأخيرة تبحث عن عمل صوفي تضعه ضمن ألبومها الجديد، دون أن يكون كل الألبوم بالنمط نفسه، إنما بصيغة وجدانية لا تستكين إلى التخت الشرقي الطويل بل سوية مبتكرة تجيّر النمط الصوفي وتضعه في سياق جديد يخدم النوع الذي تقدّمه! هنا ترفض المغنية السورية المتواجدة حالياً في مصر في حديثها مع «الأخبار» أن ننقل حديثاً يفيد بإمكانية حصول هذا التعاون، على اعتبار أنه لم يخرج حتى الآن عن إطار التفكير «علماً أنني أحترم تجربة بشار زرقان، وأتابع أغلب من يؤدون هذا النمط، ويبدو واضحاً بأن هناك ردّة حالية نحو الغناء الصوفي، لكن من ناحيتي أجرّب أن أكون قريبة من كلّ شيء، رغم ميلي الشديد إلى هذا اللون كمستمع، لذا أتمنى تقديم هذا اللون بعد تفكير مليّ بهيكلية المشروع»، تشرح يونان قبل أن تضيف «بعض التجارب الدارجة حالياً تحتاج إلى تحفّظّ، لأنه يمكن تقديم الصوفية بطريقة معاصرة، لكن لا يمكن مزج الغناء الغربي مع الصوفي، ولو خرج عمل جميل إلا أنه لا يمتّ للفن الصوفي بصلة!»