كل من يحمل الجنسية الأميركية أو الإقامة الخضراء، ويعمل في صناعة أشباه الموصلات في الصين، بات مجبراً على الاختيار بين الوظيفة والجنسية. هذا القرار اتّخذته الإدارة الأميركية أخيراً، إلى جانب قرارات أخرى من أبرزها حظر تصدير معدّات التصنيع الأميركية الصنع اللازمة لإنتاج الرقائق المتقدّمة، إلى الصين. وهذه القرارات التي تمثّل تصعيداً غير مسبوق تجاه الصين، تسعّر الحرب التكنولوجية بين البلدين، وسيكون أثرها قاسياً على السوق.

تفترض أميركا أن إجراءات كهذه، ستسهم في تقويض قدرات الصين على إنتاج أشباه الموصلات المتطوّرة والمستخدمة في التقنيات التجارية والعسكرية، وأنها ستحدّ من قدرتها على تطوير وصيانة أجهزة الكمبيوتر العملاقة وعلى خلق برمجيات الذكاء الاصطناعي. فالقرار يشير إلى أن كل من حصل على الجنسية الأميركية وحاملي البطاقة الخضراء، بات محظراً عليه دعم تطوير أو إنتاج الرقائق المتقدّمة في المصانع الصينية من دون ترخيص مسبق من الإدارة الأميركية. وهذا يعني أن المئات من المديرين التنفيذيين والمهنيين والمهندسين الحاصلين على الجنسية الأميركية في صناعة التكنولوجيا الصينية، بات عليهم أن يختاروا بين التخلي عن جنسيتهم أو عن مهنتهم داخل الصين إلا إذا وافقت الإدارة الأميركية على منحهم الترخيص اللازم.
والصين ما زالت متأخرة في تكنولوجيا أشباه الموصلات. السبب الرئيسي هو حرمانها من المعرفة التكنولوجية، مثل منعها من شراء جهاز «EUV Lithography» الذي تنتجه شركة «ASML» الهولندية والخاص بصنع الشرائح المتقدمة والفائقة الدقة. وتستهلك الصين أكثر من ثلاثة أرباع الشرائح المباعة على مستوى العالم، لكنها تنتج نحو 15% فقط من الإنتاج العالمي. ويقول خبراء في هذا المجال، إن صانعي المعدّات في الصين متأخرين بين أربع وخمس سنوات مقارنة مع نظرائهم في الخارج، وهذا ما يجعل معداتهم غير مناسبة كبدائل فورية للمعدات المفقودة من الموردين الأميركيين مثل «KLA Corp» و«Applied Materials» و«Lam Research». وتقول شركة الأبحاث الدولية «GlobalData»، إن إعلان الولايات المتحدة القيود الأخيرة «يتجاوز صناعة أشباه الموصلات»، وأن الأمر «يتعلق الأمر بهيمنة الذكاء الاصطناعي»، و«من سيهيمن على الثورة الصناعية الخامسة، وفي نهاية المطاف، من سيقود اقتصاد العالم في العقود القليلة المقبلة».


ومباشرةً بعد قرارات واشنطن، أصدرت شركة «ASML»، تعليمات على الفور لموظفيها في الولايات المتحدة بتجميد تفاعلهم مع العملاء الصينيين. وأضافت في رسالة داخلية، أن الأمر ينطبق على جميع المواطنين الأميركيين وحاملي البطاقة الخضراء والمواطنين الأجانب الذين يعيشون في الولايات المتحدة.
القيود الجديدة على الموظفين، ستحرم الصين من كل الخبرة المكتسبة في الولايات المتحدة


في السابق، ركزت الإجراءات الأميركية على كبح صعود الصين في مجال تقني معين، مثل منع «هواوي» من الوصول إلى صناعة الرقائق المتقدمة من قبل شركة «TSMC»، لكن القيود الجديدة على الموظفين، ستحرم الصين من كل الخبرة المكتسبة في الولايات المتحدة. وهذا أمر بالغ الخطورة. خصوصاً أن القيود الأميركية الجديدة التي صدرت قبل أسبوع، تقوض الخطط التي تحدث عنها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال مؤتمر الحزب الشيوعي العشرين، والذي يعقد مرة كل خمس سنوات. حيث قال إن البلاد «ستجذب أفضل العقول من جميع المجالات لقضية الحزب والشعب».