ترجمة: ضحى ياسين
التعافي التدريجي غير المتكافئ
مع توزيع اللقاحات والدعم الحكومي، ستسلك البلدان ذات الدخل المرتفع مسار الانتعاش في النصف الثاني من عام 2021. رغم ذلك، ستشهد البلدان ذات الدخل المتوسط ​​وخاصة البلدان ذات الدخل المنخفض في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية تأخراً في عملية التعافي، ما لم تزودها الأمم المتحدة أو الصين بلقاحات كافية وتعزّز الحكومات دعمها. ستستغرق القطاعات الأكثر تضرراً، مثل السياحة والسفر وقطاع الفنادق والترفيه والأنشطة الكثيفة العمالة، وقتًا أطولَ للتعافي. تبقى الصين الدولة الوحيدة التي شهدت نمواً اقتصادياً ملحوظاً في عام 2020، مسار سيحظى بالزخم في عام 2021. كما ستنتعش التجارة الدولية، لكن العالم سيكون أكثر «عولمة»، مع سلاسل الإمداد الدولية المتضائلة والمكوّنات المحلية المتزايدة.


المزيد من الفقر وعدم المساواة في عام 2021
بينما استفاد عدد قليل من الوباء مثل متاجر الإنترنت، الأدوات/البرامج عن بعد، الأدوية والخدمات الطبية – لم يكن ذلك حال الغالبية. إذ تقدّر منظمة العمل الدولية أن نحو 590 مليون وظيفة بدوام كامل فُقدت خلال النصف الأخير من عام 2020. وقد اتُّخذت العديد من تدابير الحماية الاجتماعية، لكنها غير كافية والفقر آخذ في الازدياد في جميع البلدان.
مع 40 في المئة من سكان العالم (3.3 مليارات شخص) يعيشون تحت خط الفقر الدولي بدخل 5.5 دولارات في اليوم، يقدّر البنك الدولي أن 150 مليون شخص إضافي سيعانون من الفقر المدقع بحلول عام 2021. وهناك حاجة إلى مزيد من الدعم الحكومي والضرائب التصاعدية لتصحيح هذه الاتجاهات. رغم ذلك تجاوزت أرباح الشركات الكبيرة تريليونات الدولارات من برامج الإغاثة والمساعدة المالية لـكوفيد 19، ما أسهم في تزايد عدم المساواة. وبالتالي سيولّد الفقر وعدم المساواة المزيد من الاحتجاجات في عام 2021.

المزيد من الصحة العامة لكنّ تدابير التقشّف غير ضرورية
يتمثّل أحد الجوانب الإيجابية للوباء في أنّ العالم أدرك الحاجة إلى أنظمة الصحة العامة - المثقلة عموماً بالأعباء، والتي تعاني من نقص في التمويل والموظفين بعد عقد من التقشف (2010 - 2020). بينما سيستمر الإنفاق على الصحة العامة في الارتفاع، يشعر الكثيرون بالقلق من التهديد المتمثل بتدابير التقشف الجديدة. إذ تسببت الأكلاف غير المتوقعة للوباء بديون غير مسبوقة فضلاً عن العجز المالي، قد تلجأ الحكومات إلى تدابير تقشفية وإصلاحات في الخدمات العامة بدلاً من البحث عن بدائل لزيادة الموازنات مثل الضريبة على الثروة، مكافحة التهرب الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة. على الحكومات التي تختار التقشف في عام 2021 أن تتوقّع احتجاجات واضطرابات اجتماعية نظراً إلى التداعيات الاجتماعية السلبية.

الرقمنة والتحوّلات في عالم العمل
أدّى الوباء إلى تسريع التغيير التكنولوجي في مكان العمل. المزيد من العمل عن بعد والقليل من العمل المكتبي سيعفيان النساء من الاختيار بين العمل والأسرة ويجعلان الآباء أكثر انخراطاً في المسؤوليات المنزلية. تشير الدراسات إلى أن 47 في المئة من الشركات الأميركية ستسمح للموظفين بالعمل من المنزل بدوام كامل بعد الوباء. ومن ناحية أخرى، سيكون للعمال الأساسيين مثل موظفي القطاع الصحي أو عمال التنظيفات أو موظفي التوصيل أو موظفي التجزئة، قوّة تفاوضية أكبر في عام 2021، وقدرة على ممارسة الضغط من أجل تحسين ظروف العمل.

تصحيح الفوضى العالمية
سيجدّد الرئيس الأميركي المنتخب بايدن التعددية، ومعاهدة باريس والاتفاقيات الدولية الأخرى، والدفاع عن حقوق الإنسان ومصالح «السلام الأميركي». وستستمر معاناة الأمم المتحدة نظراً إلى انخفاض التمويل. أربع سنوات من الترامبية والأخبار الكاذبة تركت أثرها على العالم، ورغم المحاولات الديمقراطية لتحسين النظام العالمي، لن يشهد عام 2021 حرف الوجهة عن الحكومات القومية الاستبدادية، لذا ستبرز الحاجة إلى مزيد من الجهود لمحاربة الاستقطاب وعدم المساواة والمعلومات المضللة. و«الجهادية» في أفريقيا وجنوب آسيا ستواصل مسارها التصاعدي.

فرصة التغيّر المناخي
ينبغي أن يستنسخ العالم تجربة خفض الانبعاثات التي شهدها عام 2020 خلال العقد المقبل للحدّ من الاحتباس الحراري العالمي بـ 1.5 درجة بحلول نهاية القرن. إلاّ أنّ انخفاض أسعار النفط قد يرجئ الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة في عام 2021 رغم أنها ستحل مكان الوقود الأحفوري في معظم أنحاء العالم على المدى المتوسط.

خطر حدوث أزمة مالية جديدة سيبقى مرتفعاً في عام 2021
مع ركود الصناعة والخدمات، اتّجهت الاستثمارات نحو القطاع المالي الخاضع للتنظيم بعدما كان مقرراً جني أرباح أكبر من خلال المضاربة. التقلّب سيبقى طاغياً على أسواق الأسهم لكنها على الأرجح ستكون مزدهرة وغير مرتبطة بالاقتصاد الحقيقي. لكن حالات الإفلاس المتزايدة تعني أن المخاطر المصرفية ستزداد بشكل كبير في عام 2021.

2021ازدهار جديد
بعد عام من الإغلاق العام، سيرغب الناس في تعويض ما فاتهم والتهافت على الحفلات والمهرجانات والعروض والرياضة والسفر في أسرع وقت ممكن. قد يزدهر عام 2021 في صيف جديد مليء بالحب، فترة الإبداع – انتهزوا الفرصة! النقاش حول السبل الممكنة للخروج من الأزمة الحالية سيستمر على مدار العام. فهذه أزمة غير مسبوقة قد تُحدث منعطفات جديدة، والحكومات تتعلم بالممارسة. على العموم هناك خياران؛ الأول، تجديد السياسات النيوليبرالية والتقشفية، والحدّ الأدنى من الخدمات العامة التي تقوّض الرفاهية، مع ضرائب محدودة على الثروة، ما سيؤدي إلى مزيد من عدم المساواة والاضطرابات الاجتماعية. والثاني، مسار أكثر ديمقراطية وتقديماً اجتماعياً، حيث تقدم السياسات العامة للمواطنين، بما في ذلك سياسات اقتصادية لخلق فرص عمل مع حماية اجتماعية، مموّلة من الضرائب التصاعدية، والقضاء على التهرب الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة. يمكن أن تتحول أزمة فيروس كورونا إلى فرصة لجعل العالم مكاناً أفضل وأكثر عدالة للجميع في عام 2021.

* نُشر هذا المقال في أخبار خدمة إنتر برس IPS في 22 كانون الأول 2020

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا