لم تجر رياح محاكمة العميد المتقاعد فايز كرم كما اشتهت أشرعة السفن العونية. فقد توقّع العونيون صدور حكم المحكمة العسكرية أمس، لكن رئيس المحكمة العميد نزار خليل خيّب آمال المنتظرين بعدما أرجأ متابعة المحاكمة حتى الثلاثين من آب المقبل. قرار تأجيل الجلسة وتأكيد خليل تخصيصها لإصدار الحكم، لم يحولا دون عاصفة من الاحتجاج داخل المحكمة. فما أن نطق رئيس المحكمة بالقرار حتى انتفض النائب ابراهيم كنعان من مكانه متهماً رئاسة المحكمة بالتسويف والمماطلة. خروج كنعان من قاعة المحاكمة وردّ فعله لقيا تأييداً من جمهور العميد الموقوف الذين حضروا بالعشرات، فبدأوا بالتصفيق والهتاف بحياة كرم. ساد هرجٌ ومرج فارتفع صوت رئيس المحكمة طالباً من العسكريين توقيف كل من ينبس بكلمة. أوقف أحد المتضامنين فساد صمت. عاد الهدوء إلى القاعة التي ضجت للحظات قبل أن يخرج الجميع من قاعة المحكمة. في الخارج، بدأ احتجاجٌ من نوع آخر. دموع الحزن بللت وجوه ثلاث فتيات عونيات فيما الدموع نفسها احتبست في عيون الشبان الغاضبين الذين صب أحدهم جام غضبه على إحدى الصحافيات. صوت الغاضبين عاد ليرتفع في الخارج قبل أن يتفرّق الجميع. يذكر أن الثلاثين من آب قد يصادف يوم عيد الفطر المبارك ما يعني حكماً إرجاء الجلسة مجدداً.وبالعودة إلى الجلسة، فإن ذرائع التأجيل حُصرت بثلاثة موجبات. الأول طلب النيابة العامة العسكرية تكرار الاستماع إلى ضابطين من فرع المعلومات لحسم التناقض الحاصل بين إفادة الضابط الشاهد وقيادته. ففيما أدلى الضابط ف.ح. بأن مراكز الاستجواب حيث حقق مع العميد كرم مزوّدة بأجهزة تصوير وتسجيل، أكدت قيادته أن تسجيلات صوتية أو مرئية لديها. والموجب الثاني طلب المحكمة الاستماع إلى إفادة الطبيبين بعد طلب ترجمة عربية للتقارير الطبية التي قُدمت بالفرنسية. كذلك طلبت المحكمة الاستماع إلى شهادة كل من الملازم أول ب.ع. والطبيب المقدم ح.ط. بشأن بلاغ رفع المسؤولية حول نقل كرم من مستشفى ضهر الباشق إلى سجن المعلومات. أما الموجب الأخير، فكان غياب المستشار المدني بسبب العطلة القضائية.
ردود الفعل لم تُحصر بالإطار الشعبي أو السياسي. فقد رأى المحامي رشاد سلامة، وكيل الدفاع عن كرم، أن هناك ملاحظات كثيرة على تأجيل الجلسة، مشيراً الى أن حيثيات التأجيل غير قانونية.