«من قال لك ذلك؟ أبداً، المشكلة لم تُحلّ بعد. ما جرى هو إزالة بعض مخالفات البناء القريبة من سور المطار فقط». هذا جواب مسؤول أمني، معنيّ بملف البناء غير القانوني، عن سؤال يتعلق بصحة ما أشيع عن انتهاء إزالة المخالفات عن الأملاك العامة. كلام المسؤول تؤكّده النظرة الميدانية لمنطقة الأوزاعي، ومعها بقية مناطق الضاحية الجنوبية، من طريق المطار ـــــ الرمل العالي، مروراً بالليلكي وحي السلم، وليس انتهاءً بصحراء الشويفات.
في ما خصّ منطقة الأوزاعي، صاحبة حصة الأسد من المخالفات، فإن الاسمنت ما زال آخذاً بالارتفاع نحو السماء. تعطي يمينك لمحطة «الأيتام» على طريق المطار وتتجه نزولاً نحو الخط البحري ـــــ المرامل. إلى يسارك، ثمة مساحة واسعة كانت قبل أسابيع قليلة خالية من «الباطون». أما اليوم، فعربات تنقل البحص والترابة إلى ورش تقام عليها، وعمّال يعملون ليل نهار. ظهر أمس كانوا يعملون بصورة طبيعية. إلى جانب تلك المساحة، لناحية طريق المطار، أقيم ملعب لكرة القدم (ميني فوتبول) وسيّج بإطار معدني. هكذا، يتضح أنه ليس كل البناء للسكن، إذ إن للمشاريع الاستثمارية مكاناً أيضاً. تستمر نزولاً حتى تصل إلى الخط المحاذي للشاطئ، فتجد أنك عاجز عن إحصاء عدد الورش التي رأيتها على طول الطريق. لديك خياران، إما أن تذهب يميناً أو يساراً، لا فرق، فأين ولّيت وجهك فثمة «سقالات».
«القادم أصعب»... يقولها المسؤول الأمني دون تردد. هو العارف بالمنطقة وأهلها منذ أكثر من 30 سنة، والعارف بطرق الوصول إلى أدمغة أصحاب المخالفات. «بتنا، كقوى أمن على الأرض، الحلقة الأضعف في هذه اللعبة. قبل 3 أيام، ضربونا أثناء إزالة مخالفات سور المطار. 3 من الضباط أصيبوا. نبقى وحدنا، نحن الذين على الأرض لا في المكاتب، دون سند أو حماية، فلا يتدخل الجيش إلا في الحالات الطارئة». يوضح المسؤول أن بعض أصحاب الورش لديهم أسهم في الأرض، وخاصة تلك القريبة من طريق المطار، مثلاً يكون لدى شخص 3 أسهم شرعية، لكن تراه يبني على 20 سهماً، كيف ستحل مع هؤلاء؟
ثمة جملة يوردها المسؤول الأمني، لا يمكن السكوت عليها إن صحت، يقول أنها وصلته بطريقة موثقة عبر أشخاص معنيين: «سوف تحصل مذبحة إن أردتم استئناف إزالة المخالفات في الأوزاعي». جملة كفيلة بزرع القلق في قلب المسؤول. إلى ذلك، يناشد المسؤول كل الفاعليات الحزبية والسياسية والعائلية، لعقد اجتماع موسع والتفاهم على وضع آليات للحل. «ربما تكون هيبتنا كقوى أمنية قد سقطت في عيون بعض الناس، لكن التأثير للأحزاب، وخاصة أن مونة العائلات على أبنائها ما زالت قائمة. يمكننا الاستفادة من هذا الأمر للوصول إلى حل». ويضيف المسؤول: «قبل أيام، انهار سقف أحد المنازل الذي بني على نحو مخالف في منطقة بئر حسن، أصيب 3 أشخاص، وهم اليوم في المستشفيات بحال الخطر. هل يتصور أصحاب المخالفات أنهم في مأمن من وقوع بيوتهم عليهم؟ وخاصة أنها مبنية بطريقة مخالفة لأبسط معايير الهندسة والسلامة العامة. هل يعلمون أن أي هزّة أرضية، ولو بدرجة خفيفة، كفيلة بأن تسقط كل هذا البناء المخالف على رؤوس قاطنيه؟ نعم، عندها ربما يتحرك الجميع لإيجاد حل، لكن بعد ماذا؟ بعد أن نكون أمام كارثة وطنية بكل ما للكلمة من معنى. للأسف، نحن في بلد لا يحركنا إلا الدم».
أين هم رؤساء البلديات مما يجري؟ المسؤول الأمني يناشد رؤساء البلديات الحضور إلى الأهالي، والتواصل معهم أثناء حضور القوى الأمنية، «فهم لهم تأثير بين الناس، وخاصة أنهم منتخبون، وبكل الأحوال فليلتزموا بالقانون وليحضروا عند إزالة كل مخالفة، ولا يبقوا هواتفهم الخلوية مقفلة».