إميل قسطندي خوريما يحدث في العالم حالياً من أزمات مالية وتهاو في أسواق البورصات الدولية يحتاج إلى وقفة حازمة ورؤية جديدة لمواجهة التردي الحاصل في أسواق المال، ليس فقط لحماية حقوق واستثمارات الناس بل أيضاً لمنع الاقتصاد العالمي من الانزلاق في كساد لا يصب في مصلحة أحد. من الحلول أو السياسات النقدية التي طُرحت لمعالجة هذه الأزمة خفض أسعار الفائدة وتقليص حجم الاحتياطيات الإجبارية التي تفرضها البنوك المركزية على البنوك التجارية بهدف تحفيز الاقتراض، وضخ مليارات من العملات لتوفير سيولة مالية في الاسواق، وذلك لدعم الأسواق والمؤسسات المالية المتعثرة والمنهارة.
ومع أني أعتقد أن مثل هذه الأدوات النقدية لها دور مهم في تحريك ودفع عجلة الاقتصاد، إلا أنني على يقين أكبر بأن الحلول الأكثر نجاعة في مثل هذه الظروف الاستثنائية تتمثل في مكافحة التضخم (الذي وصل إلى نسب قياسية جاوزت 15% في العديد من البلدان)، وذلك من خلال العمل الجاد على خفض أسعار السلع الأساسية والمواد الأولية والخدمات، وعلى وجه التحديد أسعار الغذاء والمنتجات الاستهلاكية الضرورية وأجور النقل والدواء، وبالأخص أسعار التوأمين (النفط والذهب) اللذين يلعبان دوراً رئيسياً في قواعد العرض والطلب وأساسيات السوق. إن موجات ارتفاع الأسعار التي شهدناها في الآونة الأخيرة ساهمت مساهمة كبيرة في ما وصلنا إليه من استنفاد للسيولة والمدخرات، ناهيك عن أزمة الرهون (القروض) العقارية وأزمة الائتمانات المصرفية في الولايات المتحدة الأميركية التي أدّت إلى تراجع ملحوظ في قيمة الدولار الأميركي، مما كان له الأثر البالغ على عملات دولية أخرى، كما أنها طالت قطاعات كثيرة وحساسة من الاقتصاد الأميركي كالعقارات والمساكن والصناعات المختلفة والصادرات... مما كان له الأثر السلبي الواضح على العديد من الاقتصاديات الأخرى المؤثرة في إجمالي الاقتصاد العالمي مثل أوروبا وآسيا وغيرهما.
إنّ خفض الأسعار بشكل ملموس سوف يساعد كثيراً على رفع مستوى المدخرات (الأموال الباقية من دخول الأفراد والأرباح الصافية للشركات بعد خصم النفقات والضرائب)، مما سيؤدي بالنتيجة إلى زيادة معدلات السيولة النقدية المستخدمة في الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي التي سيكون لها الأثر الفاعل في تنشيط حركة الطلب الكلي، وبهذا نعيد للاقتصاديات الراكدة عافيتها وحيويتها المطلوبتين.