لم يكن يكفي مخفر بيادر العدس أن عديده لا يزيد على 7 دركيين يعملون في 8 قرى، حتى صار عرضة لهجوم يُجرَح فيه أفراده ويُحرّر موقوفون من داخله. واللافت أن قسماً من المهاجمين هم عسكريون وأمنيون. فمن يحمي المخفر؟
البقاع ــ أسامة القادري
هاجم شبان من بلدة الصويري في البقاع الغربي، بعد ظهر أول من أمس، مخفر بيادر العدس، وانهالوا بالضرب على العسكريين ورئيس المخفر بهدف إخراج 3 موقوفين من داخل النظارة بالقوة.
الموقوفون الثلاثة كانوا قد أوقِفوا أمام ثانوية المنارة الرسمية، بعدما اتصل مدير المدرسة إبراهيم أيوب بالمخفر، شاكياً وجود شبان في سياراتهم قرب المدرسة، يعملون على «التشفيط ومعاكسة الطالبات واستفزاز المعلمين والطلاب». وعلى الفور، حضرت دورية من المخفر. وعندما حاول أفرادها التأكد من هوية الشبان وحثهم على الابتعاد عن محيط الثانوية، لم يمتثلوا لطلب الدركيين. وحسب شهود عيان، فإن المشكو منهم تحدّثوا مع رجال الدرك بلغة «فوقية»، مشيرين إلى أنهم عسكريون في الجيش اللبناني لا يحق للدرك توقيفهم، ليصل الأمر إلى تبادل للشتائم بين الطرفين، قبل أن يتطور إلى تشابك بالأيدي. وتمكّن الدركيون من السيطرة على الشبان الثلاثة وسوقهم إلى مخفر بيادر العدس. وفور وصول خبر توقيفهم إلى ذويهم في بلدتهم الصويري، تجمّع عدد من أهالي الموقوفين، وبينهم أفراد من الأمن الداخلي والجيش، وتوجّهوا إلى المخفر حاملين عصياً وحجارة. ودخل بعضهم إلى المخفر لمحاولة إقناع رئيسه بالإفراج عن الموقوفين. وعندما لم تنفع هذه التدخلات، استعان أهالي الموقوفين باتصالات سياسية محلية. لكن رئيس المخفر رفض هذه المساعي، عندئذ انهال الساعون عليه بالضرب. على أثرها دخل مَن بقي منهم في الخارج وبدأ بعضهم بضرب رجال الدرك وتكسير محتويات المخفر، قبل أن يخرجوا الموقوفين بالقوة، ويعودوا بهم إلى البلدة حيث تواروا عن الأنظار. وكانت نتيجة المعركة جرح 4 من رجال الدرك، بينهم رئيس المخفر.
وعلى أثرها تدخلت قيادات أمنية وعسكرية على مستوى عال، وجرى اتصال بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الجيش العماد جان قهوجي. بعد ذلك، دهمت دوريات من الجيش اللبناني والشرطة العسكرية العديد من المنازل في بلدة الصويري ليلاً، واعتقلت البعض منهم، فيما تم في اليوم التالي استدعاء العسكريين الذين تواروا عن الأنظار وقت المداهمة إلى مركز الشرطة العسكرية في أبلح. وبلغ عدد الموقوفين من المشتبه في مهاجمتهم المخفر 15، بينهم 3 دركيين و7 عسكريين في الجيش. وذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن والد أحد الذين كانوا موقوفين في المخفر هو مسؤول محلي في تيار سياسي نافذ في المنطقة، مشيراً إلى أن المسؤول المذكور حرّض أبناء عائلته على إخراج ابنه من المخفر بالقوة.
وأشار مصدر أمني لـ«الأخبار» إلى أن عقوبة تأديبية وجّهت إلى رئيس المخفر المصاب برأسه، وذلك لعدم استطاعته حماية عناصر المخفر. وتجدر الإشارة إلى أن مخفر بيادر العدس لا يبعد عن مركز للجيش أكثر من 50 متراً.
وكانت «الأخبار» قد ألقت الضوء (في عددها الصادر يوم 25 أيلول 2008) على وضع هذا المخفر الذي يمتد نطاقه إلى ثماني قرى بقاعية بعديد سبعة دركيين.
هذه الحادثة تركت لدى المواطن البقاعي العديد من الأسئلة، وخاصة عمن سيحمي رجال الأمن إذا كان المعتدون عليهم هم من رجال المؤسسات الأمنية والعسكرية. وما الذي ستفعله المؤسسات لتوقف استسهال استهدافها عند قيامها بمهماتها؟