عبيه ـــ عامر ملاعب«سعادة النائب تكرم/ وعود وعود وعود/ كذب كذب كذب» والأهم «ممنوع دخول صناديق الاقتراع للبلدة قبل تنفيذ إعطاء المقيم والمهجر حقه»، إحدى النساء تصرخ «لن نترك الرجال يتصدون وحدهم، سنمنع الكذابين من دخول البلدة أو صناديق اقتراعها» و«سنعتصم حتى تنفيذ مطالبنا» «الخيمة جاهزة للاعتصام ولن نتراجع بعد اليوم تحت الوعود الكاذبة».
على وقع هذه العبارات وصراخ المتظاهرين ويافطاتهم، تجمع أهالي بلدة عبيه في ساحة القاعة العامة للبلدة، مطالبين بإعطائهم حقوقهم المتأخرة منذ ربع قرن.
وبلدة عبيه أصيبت في عام 1983 بما أصاب قرى الشحار الغربي ومعظم قرى الجبل جراء الحرب الأهلية، وبعد اتفاق الطائف بدأت المساعي من أجل المصالحات وعودة المهجرين والتعويض على المقيمين. والبلدة تتألف من مسيحيين ودروز، وهي لم تشهد أي مجزرة أو صراع بين الطائفتين من أبناء البلدة.
المواطن أديب حمزة، وبعدما اعتذر عن عدم مشاركة بعض الأهالي «لأنهم غير موافقين على لغتنا الهادئة في مخاطبة من ضحكوا علينا طيلة ربع قرن»، تلا بياناً موقّعاً باسم أهالي البلدة، علل فيه دوافع الأهالي إلى الاعتصام اليوم «بعد 25 عاماً من الحرب الأهلية والتهجير وإنشاء وزارة المهجرين التي عوّضت على المستحقين وغير المستحقين، وكانت دائماً بلدة عبيه وقرى الشحار مستثناة بسبب مصالح كبار المسؤولين وأهوائهم، وحيث إن موضوع إقفال صندوق المهجرين على طاولة البحث قبل إنهاء ملف بلدتنا» لذلك «طفح الكيل، ولن نسكت بعد اليوم وسنلجأ إلى كل الطرق لتحصيل مستحقاتنا، ومنها السلبية: من قطع طرق، مقاطعة الانتخابات، الامتناع عن التعامل مع هذه السلطة الفاشلة». وأضاف «لن نقبل بالتعويض إلا دفعة واحدة للمهجرين والعائدين، ولن نسمح بالوعود الكاذبة والإهمال والسلبية والخداع. والدولة التي تحترم نفسها تعطي المواطنين مستحقاتهم» وناشد البيان رئيس الجمهورية «تطبيق ما جاء في خطاب القسم من مساواة المواطنين، فكيف تتحدثون عن إلغاء وزارة المهجرين دون إقفال الملف وتعويض الأهالي حقوقهم».
أما فهيم حمزة فأعلن أنه «على استعداد ومجموعة من الأهالي لنصب خيمة والاعتصام بداخلها وقطع الطرق» ليعلو التصفيق الحاد وصرخات التأييد، ويليه منير حمزة بمطالبة «العماد ميشال عون بأن يعود إلى رفع شعاراته المعارضة قبل أن يدخل الحكومة حتى لا يصبح شريكاً في تقاسم الجبنة السلطوية وحتى تتحقق مطالب المواطنين».
ومنذ مطلع التسعينيات لم يتحقق أي من الوعود، برغم تكرر المطالبات وأبرزها إعلان الأهالي مقاطعة الانتخابات الفرعية. ففي 14 أيلول 2003 إثر وفاة النائب بيار حلو «نجح» يومها مرشح «الورقة البيضاء في الحلول بالمرتبة الثالثة» في انتخابات تنافس فيها المرشحان هنري حلو وحكمت ذيب، وكانت رسالة واضحة إلى النائب وليد جنبلاط المحسوبة عبيه عليه. لكنه يومها تلقفها تحت شعار «صناعة الأجهزة»، موزعاً الاتهامات يميناً ويساراً. أما اليوم، فمن الصعب التحدث بالمنطق نفسه.