ديما شريفأزور مدينتي مرّة كلّ أسبوعين. وفي كل زيارة أكتشف تغيّراً طفيفاً طرأ على شكلها ويوميّاتها الرتيبة. فهنا دكّان أغلق أبوابه بعد موت صاحبه وسيتحوّل على الأرجح بعد فترة إلى متجر يبيع أسطوانات نانسي وهيفا. وهناك متجر للثياب يفتح إلى جانب عشرات متاجر الثياب. والثابت الوحيد هو الحفريات في كل شوارع المدينة وأزقّتها التي تشعرني بأنّني عدت إلى دياري فعلاً.
وفي زيارتي الأخيرة للمدينة، فوجئت بديكورها الجديد الزاهي، الذي يفرح القلب والعين معاً. إذ طُلِيت بعض واجهات المباني القديمة ورمّمت لتحتضن صور زعمائنا الأشاوس. فلتمُتْ صيدا غيظاً من طرابلس. ففي الوقت الذي يزيل فيه سكان المدينة الجنوبية صور الزعماء، يعيدها الطرابلسيون إلى الواجهة بكل فخر واعتزاز. فبين الصورة والصورة، صورة أخرى. وكلها صور جديدة، ألوانها جميلة ونضرة لم تطمس زخات المطر معالمها. تخيّلوا كم فرصة عمل وفّرت هذه الصور للطرابلسيين! بين المصوّر، والمطبعة، والفوتو شوب، وصاحب الشرفة أو النافذة أو قطعة الجدار التي تشرّفت باحتضان الصورة! نسي الناس غزّة واكتفوا بلافتتين رفعوهما في أحياء المدينة استنكاراً، ربما سأجد في زيارتي المقبلة بيت شعر في مديح مزايا الزعيم قد وضع فوقهما.
انتهى وقت الشهداء الآن، فقد جاء موسم توزيع المال الحلال. وهذا الموسم لا مكان فيه قطعاً للأبرياء.