راجانا حميةلم يكن كلّ شيءٍ على حاله في ساحة «الإسكوا» في تلك الساعة المبكرة من صباح أمس. استيقظ الشباب على غير عادتهم. وضّبوا أسرّتهم وأغراضهم استعداداً للرحيل، بعد صدور القرار المسائي الذي اتّخذه مسؤولو المنظّمات الشبابيّة اليساريّة اللبنانيّة والفلسطينيّة بـ«إنهاء الاعتصام المفتوح أمام مبنى الإسكوا ونزع «الشادر»، من دون تعليق النشاطات التضامنية مع غزّة».
الثالثة عصراً. خلت الساحة الصغيرة من روّادها. تركوها لتأدية النشاط الأخير في مجمّع الحدث الجامعي، فيما بقي ثلاثة منهم هنا. أمين السر العام لاتّحاد الشباب الديموقراطي حسين مروّة، ومسؤول العمل النقابي والجماهيري في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين أبو علي طلال، وشاب آخر. كان الثلاثة يناقشون أحداث «عوكر 4»، وعلى بعد أمتار منهم، تكدّست الأغراض تحت «الشادر»، بانتظار ساعة الصفر عند الخامسة والنصف.
الخامسة مساءً. عادت حركة الشباب، مؤقّتاً. انقسموا مجموعتين. أولى عملت على تنظيف المكان المحيط بالشادر من الأوساخ، وثانية شُغلت برسم خارطة فلسطين عند أعلى التلة في حديقة جبران، وإضاءة ثلاث شموع عند النقطة التي حدّدت بأنّها معبر رفح، وعلّقت فوقها علماً فلسطينيّاً عملاقاً. أراد أصحاب هذه المجموعة أن «نبقي هنا شيئاً من أجل فلسطين وغزة وإن رحلنا، ليذكّر الأمم المتّحدة بتخاذلها تجاه قضيّة غزّة».
حانت ساعة الصفر. تحلّق اليساريّون حول الطاولة الملفوفة بالكوفيّة والعلم الفلسطيني لسماع بيان «إنهاء الاعتصام المفتوح في ساحة الإسكوا». لم يكونوا كلّهم هناك، فالبعض غير راضٍ عن الخطوة. ولكن كان لا بدّ من إعلان هذه النهاية، برغم «أن وجودنا في الشارع هو جزء لا يتجزّأ من المقاومة السياسيّة والشعبيّة العربية والعالمية، إلّا أنّ الاعتصام المفتوح ليس الأداة الوحيدة للفعل السياسي، وما يفرضه واقع الصراع الحالي يحتم علينا تغيير الأدوات التي نستخدمها» كما قالوا.
إذاً انتهى الاعتصام، أو بالأحرى «فُكّ الشادر»، كما يقول مروّة، ولكن ما هي الخطوات التالية؟ يشير مروّة إلى «أنّ النشاطات لن تُعلّق، وسوف نقوم خلال هذا الأسبوع بمراقبة الحراك السياسي العربي والدولي لاتّخاذ الخطوات المناسبة». من جهةٍ ثانية، يقول مروة إنّ «الخطوة الأهم أنّ غرفة العمليات انتقلت إلى المناطق، حيث سنقوم بمتابعة وإقامة نشاطات أخرى». وقد سمى مروة من ضمن هذه النشاطات اثنين من دون أن يحدد الآلية والتوقيت، أوّلهما «حملة المقاطعة الموسّعة التي يتبنّاها اتّحاد الشباب الديموقراطي»، وثانيهما حملة التبرّعات المادية والعينية لأهالي غزة.