إيلي شلهوبيحق لفرعون مصر التبختر كالطاووس بشعره المصبوغ وقامته المنتصبة، رغم الشيخوخة والمرض. ويحق له أيضاً إعطاء المواعظ وتوزيع النصائح يمنة ويسرة. وهو طبعاً الحاكم بأمر الله، يسود الرقاب والعباد منذ نحو 27 عاماً.
حسناً... ليس بأمر الله. لكن بالتأكيد بأمر أميركا بعدما حوّل شعبه إلى شحاذين يقتاتون من فتاتها، وإسرائيل التي يبدو أنه ورث عن سلفه أنور السادات عقدة التعاطي معها: عقدة الحبيب الولهان الذي يبذل الغالي والنفيس لإرضاء محبوبته... بلا جدوى.
صحيح. تُُسجّل له صلابته في الامتناع عن زيارتها طوال العقود الثلاثة الماضية، باستثناء تلك المرة اليتيمة التي تقدم في خلالها بواجب العزاء بـ«صديقه» إسحق رابين. لكنه امتناع سعى إلى تعويضه بأمور كثيرة، في مقدمتها نثر ثروات مصر تحت أقدام خليلته بأبخس الأثمان. ويجب عدم نسيان أنه رئيس عربي أصيل، يعبق بكرم الضيافة. الولائم التي أقامها لأرييل شارون خير شاهد على أصالته تلك. ومع ذلك، يجب الإقرار بأنه لا يزال ضعيفاً أمام الجنس اللطيف، وخاصة كوندوليزا رايس وتسيبي ليفني. خفقان قلبه للأولى كانت ثمرته تقديم الغطاء العربي لعدوان تموز على لبنان، فيما رعشته تجاه الثانية كانت نتيجتها العدوان الوحشي الذي تشنه إسرائيل حالياً على غزة.
لا يعني هذا أن تصرفاته خالية من أي منطق أو حسابات مصلحية. على العكس، إنها خلاصة رؤيته لواقع مصر ومستقبلها: جزء أساسي من حلف «المعتدلين» بعضوية السعودية والأردن وزعامة إسرائيل. حلف موجه بالأساس ضد إيران، التي يعتبرها «عدواً» ولو لم يفصح عن ذلك، وضد «حماس» وحزب الله ومعهما سوريا. حلف يوالي من يحفظ جميل العم سام وربيبته في المنطقة، ويعادي من يخاصمهما.
لكنها بالتأكيد تصرفات تخلو من أي مشاعر. وهل للمومياء قلب ينبض أو عروق تجري فيها دماء؟ وإلا كيف يمكن تفسير إصرار هذا الفرعون على عدم فتح معبر رفح أمام شعب «شقيق» يتعرض لأبشع المجازر؟ ومحاولة نظامه عرقلة عقد قمة عربية، وإن كان معروفاً أن النشاط الأبرز الذي سيقوم به معظم أصحاب الجلالة والفخامة سيكون في غرف الفنادق تحت الأضواء الحمراء؟