وجّه المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار، رسالة إلى اللبنانيين بمناسبة انتهاء مهماته رئيساً للجنة التحقيق الدولية، أكّد فيها أنه، وفريقه، سيبذلون كل جهد ممكن «لجلاء الحقيقة وجلب المسؤولين عن الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصنا إلى العدالة».وقال بلمار في رسالته:
« (...) إن لجنة التحقيق الدولية المستقلة كيان فريد، إذ إنها الأولى من نوعها، كما أن قيامها يمثّل سابقة متفردة من نواح عدة. وشأنها شأن أي عمل جديد، لم تكن اللجنة على درجة الكمال المرجوّة. ولكننا تمكّنا من التعاطي مع هذا الواقع ووجدنا حلولاً لم تكن موجودة. ومع اقتراب انتهاء عمل اللجنة سنخلف وراءنا سلسلة من الدروس المستفادة لعل الآخرين يستفيدون منها عند الحاجة. (...)
«ونحن نستعد للمغادرة، فإنني أدرك أكثر من أي وقت مضى الآمال التي يعلّقها الشعب اللبناني علينا، كما أنني مدرك أيضاً للمخاوف والشكوك التي يولّدها أي عمل لم تعرف نهايته بعد. وكما أسلفت القول فإن ثقة الرأي العام بالعمل وبالمؤسسة القائمة عليه أمر جوهري لنجاح تفويضنا. وعليه، فإننا سوف نواصل شراكتنا مع أجهزة الإعلام لتعزيز هذه الثقة. (...)
«إننا لملتزمون بالتفويض الذي منحنا إيّاه الشعب اللبناني من خلال مجلس الأمن الدولي. (...) وإننا عاقدون العزم على أن نمضي حيثما تقودنا الأدلة، وسوف نبذل كل جهد لتحقيق غايتنا.
«سوف تتواصل تحقيقاتنا من لاهاي بهولندا، إلّا أن المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان سيكون له مكتب ميداني في بيروت. (...) أود أن أعبر عن عميق امتناني للشعب اللبناني الذي ظل منذ عام 2005 يحيط اللجنة بكرمه ودعمه. (...)
«إن مكتب المدعي العام، شأنه في ذلك شأن اللجنة، لن يكون عرضة لتأثير الاعتبارات السياسية، إذ إنه لا يمكن ولا ينبغي أن تستخدم العدالة أداةً سياسة. ومثلما هي الحال بالنسبة إلى عمل اللجنة، ينبغي ألّا تكون نتائج تحقيقات مكتب المدعي العام والخطوات التي سوف أقررها بصفتي مدعياً عاماً، وكذلك ما ستخلص إليه المحكمة الخاصة بلبنان موضع أحكام مسبّقة أو تكهنات.
«إن المحكمة الخاصة بلبنان لا تسعى إلى الانتقام، بل إلى الحقيقة. إن جميع المعنيّين شهوداً كانوا أو موقوفين أو متهمين، ستجري معاملتهم بطريقة تحفظ كرامتهم. إن مقتضيات العدالة لا تقبل بأقل من ذلك، وحفظ كرامة الإنسان هو السمة المميزة لأي مسار عدلي يراد له أن يتّسم بالصدقيّة والإنسانية. وفي الختام أود أن أطمئن الجميع إلى أنني وفريقي سنبذل كل جهد ممكن إنسانياً وقانونياً لجلاء الحقيقة، وجلب المسؤولين عن الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصنا إلى العدالة. وهذا هدف ينبغي ألّا ينفرد به مكتب المدعي، بل يجب أن يكون هدفاً عاماً يصر على تحقيقه جميع أفراد الشعب اللبناني».