راجانا حميّةلا مكان للهو في مخيم شاتيلا. هناك، حيث البيوت المتلاصقة ترسم ملامح «المدينة الهامشية» بعشوائيّتها، بات الحديث عن مترين أو ثلاثة أمتار من الأرض غير مستغلة في المخيم هو الترف في حدّ ذاته.
متران، لو وُجدا، لوفّرا الملاذ الوحيد لأطفال محرومون من أبسط حقوقهم، من اللعب أو حتى من رؤية نور الشمس الذي تفتقده منازلهم الصغيرة المرصوص بعضها فوق بعض في مخيم فقره مدقع.
في شاتيلا، المتخم ببيوت تفوق قدرة استيعابه المخصصة لأربعة آلاف لاجئ لا لسبعة عشر ألفاً، يفشل الطفل في إيجاد زاروب أو زاوية تسَعه وطابته. ليس في الزاروب فقط سيفقد الطفل فسحته، بل في الروضات أيضاً، حيث من المفترض أن يحظى بها، تغيب تماماً (انظر موضوع جنة الأطفال رياضهم). هذا الغياب، الذي بات مزدوجاً، لأن الروضات هي في الأصل بيوت، دفع أصحاب بعضها إلى ابتكار فسحات تلائم الحاجات، وإن «فوق السطوح». وربما كان سطح روضة شاتيلا التابعة لجمعية النجدة الاجتماعية هو النموذج الأقرب لهذا الوصف. فهنا، وحده الزاروب الذي تحتله الروضة كافٍ للدلالة على ما يعيشه الأطفال اللاجئون. بيت يشبه أي بيت آخر في مخيم بُني على عجل. غرف ضيقة كعُلب رُصّ بعضها فوق بعضها الآخر كي تسع أكبر عدد من الأطفال. وسطح تحول مع الوقت إلى ملعب، يتشارك في جدرانه مع بيوت الجيران، وقد سقف سطحه مثل بعض بيوت المخيم، بألواح من الزينكو. هذه الشراكة مع سطوح الجيران، وخصوصاً عندما يكون سطح هؤلاء أعلى من «ملعب» الروضة، لم يكن لها سوى آثار سلبية، حيث تقذف هذه البيوت بقذاراتها ومياهها فوق سطح الزينكو، ما جعل الملعب مقسوماً إلى نصفين: نصف أول مفروش بسجادة خضراء تقلّد شكل المرج، وقد نثرت عليه بعض الأراجيح ووضعت بعض السيارات الصغيرة وشبكة كرة القدم، إضافة إلى «زحليطة»، كلها في مساحة لا تزيد على 3 أمتار. أما النصف الثاني، فهو للجيران، حيث نُزعت عنه السجادة الخضراء ليتحوّل إلى مجرى للمياه الآتية من السطوح المجاورة الأكثر علواً. لكن رغم كلّ هذا، ورغم الضيق المبرّر ربّما في شاتيلا، ثمّة ما يوحي بأن هذا السطح والغرف التي تحته أفضل مكان لهؤلاء. فهنا على الأقل سيجد الطفل علبة ألوان وطابة وأطفالاً كثراً يستطيع اللعب معهم في المكان نفسه. كذلك ثمة من يجهد لترميم يوميات هؤلاء الصغار، بحسب قول المشرفة على الروضة مريم عبادي،التي ترى أن الروضة هي «محاولة لإيجاد ملاذ بديل للأطفال، فيه كل ما لا يجدونه في منازلهم وأزقتهم».