![](/sites/default/files/old/images/p22_20090320_pic2.jpg)
تنمو الذرة في أميركا الوسطى والجنوبية، حيث كانت تمثّل مصدر الغذاء الأساسي لسكانها.
وفيما كانت أميركا اللاتينية هي مصدر البذور الأصلية، انحصرت اليوم معظم البذور المتداولة عالمياً بتلك المعدلة جينياً التي تنتجها البلدان الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وتطرحها على مزارعي العالم في الأسواق.
فحالياً، أصبحت الولايات المتحدة، التي تخصّص النسبة الأكبر من محصولها العام من الذرة لإنتاج الوقود الحيوي، هي المنتج العالمي الأول، تصل حصتها من إنتاجه إلى حوالى نصف كميته الإجمالية، تتبعها في القائمة دول الصين، البرازيل، والمكسيك.
وللمكسيك قصة مميزة مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بإنتاج الذرة. إذ بعدما فرضت «اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية» (نافتا) على مكسيكو فتح أبوابها لمحصول الولايات المتحدة من الذرة المدعومة من حكومتها، من دون فرض أية ضرائب عليه، ما جعل ثمنها في السوق المكسيكية
أرخص من تلك المنتجة محلياً، تخلى الكثير من المزارعين المكسيكيين عن زراعة الذرة التي لم تعد مجدية بالنسبة لهم، وانكبّ المكسيكيون جميعاً على شراء الذرة المستوردة من الولايات المتحدة. إلا أن مختلف أنواع تلك الذرة المستوردة لم تبد مناسبة لصناعة خبز التورتيلا وطبق الطامال التقليديين في المطبخ المكسيكي، واللذين يمثّلان الغذاء التقليدي لمواطني المكسيك الفقراء. تمخّض ذلك عما سمّي «أزمة التورتيلا» في وقتها، التي خلقت مفارقة طريفة، إذ إن الفقراء امتنعوا في حينها عن استهلاك الذرة رغم توافرها بمبالغ زهيدة في الأسواق.
أما خلال عامي 2007 و2008، فقد تحوّل معظم محصول الولايات المتحدة من الذرة إلى إنتاج مادة الإيثانول الحيوية، إثر اتخاذ الحكومة قرار دعم إنتاج الوقود الحيوي من حبوب الذرة، ما أدى إلى انخفاض نسبة توافر الذرة في السوق، وبالتالي إلى ارتفاع هائل في أسعار الحبوب والعلف الحيواني العالمية، الأمر الذي فجّر أزمة الغذاء العالمية التي هزّت العالم عام 2008 ولا تزال آثارها ملموسة حتى اليوم.