أحمد محسنلا جدوى من رسم الأحاسيس على الجدران، الجدران للسجون، والكون سجن صغير بالمقارنة مع داخلنا البطيء. تلاحقني لعنة دائمة، في أني كنت قد ألفت العيش في الشوارع. لهذا أخاف السقف، والسماء إذا اقتربت كثيراً من رأسي. تلازمني عقدة ذنب ناتجة من جريمة لم أرتكبها، عن انفجار نووي لم يحدث بعد.
بلا ذكريات، أصبح رسماً تقريبياً لحائط. بلا موت، أصبح ملاكاً، وأنا أكره الملائكة بالطبع. طلبت مني ألا أكتب عن الموت. حسناً، سأكتب عن لسعتها السامّة. البشر كلّهم أفاعٍ ممشوقة القامة. كلهم يلسعون: أتهمها بالانتماء إلى البشرية وحسب. غير قادر على رؤيتها إلا على شكل سحابة تضرب أعضائي، وأشربها كجرعة زائدة من شتاء أدمنته مساءاتي. يا ليتني مثلها أستطيع استخدام المقص لقطع المفاصل المؤدية إلى الجنون. الفرق بيني وبين الأشياء المتحركة، التي يسمّونها بشراً، هو أمنيتي القديمة بالتحّول إلى موسيقى.
الموت حقود. أتنبأ بموتي الباكر، كي أفوّت الفرصة عليه أن يأخذ منّي هذا الجبل الذي يملأ القلب. أمعن في البقاء، فلم يبقَ من الوقت إلا القليل، وأنا أشتاق إلى أن يقتحم وجهي شعرها قبل حلول الفجر الأخير.