أحمد محسنقد لا يعرف أغلب المواطنين أنهم وتبعاً للقانون اللبناني، يجب أن يصبحوا رجال إغاثة رغماً عنهم في بعض الحالات. إذ تسود شائعة مخالفة لهذه الحقيقة تماماً، حيث يخشى معظم المواطنين التدخل لإسعاف جريح هنا، أو التدخل لإيقاف جانٍ هناك، بحجة «الخوف من القانون»، أو تصنيفهم مشاركين في الجريمة. أحمد ي. (19 عاماً) قضى ضحية هذه النظرية الخاطئة. طعنه أحد الأشخاص في عنقه غدراً، على خلفية إشكال فردي بسيط، بينما كان واقفاً في منطقة تحويطة الغدير. تلوّى أحمد قليلاً من الألم، وسقط أرضاً مضرّجاً بدمائه، إلا أن الحياة كانت تجري في عينيه. تجمّع الناس، وراقبوا يديه تتحركان ببطء، بانتظار وصول الإسعاف. لم يجرؤ أحد على إنقاذه خشية «العبث بمكان الجريمة». لاذ الفاعل بالفرار واقتصر التجمع على مشاهدة الفتى يرمي أنفاسه الأخيرة على الطريق. وصلت سيارة الإسعاف متأخرة قليلاً. وإذا كان الناس قد أسهموا في شيء عندها، فهو في نقل جثته إلى صندوق السيارة.
ومن الطبيعي ألّا يكون المواطنون على علم بمواد قانون العقوبات كاملة، إلا أنه يجب الإشارة إلى مادة أساسية تتعلق بهذا الموضوع. تنص المادة 567 على الآتي: «من وُجد بمواجهة شخص في حالة الخطر بسبب حادث طارئ أو بسبب صحي، وكان بوسعه إغاثته أو إسعافه، بفعل شخصي أو بطلب النجدة ومن دون أن يعرّض نفسه أو غيره للخطر، وامتنع عن ذلك بمحض إرادته، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة مالية تراوح قيمتها بين مبلغ 200 ألف ومليوتي ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين…».
وعلمت «الأخبار» من مسؤولين أمنيين، أن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي تنوي العمل على «تعميم ثقافة التعاون بين القوى الأمنية والمواطنين، من خلال رغبتها بالاستمرار في تكريم المواطنين المتعاونين وتعميم إنجازاتهم على وسائل الإعلام من الآن فصاعداً، علاوة عن التكفّل بكامل تكاليف علاجهم في حال تعرّضهم للإصابة، بالتنسيق مع وزارة الصحة». وإضافةً إلى ذلك، وفي حال استشهاد مواطن خلال مساعدته على توقيف مشتبه فيه، فإن المديرية ستقيم مراسم تكريم خاصة به، وستحاول تقديم المساعدات المادية والمعنوية إلى عائلته.
وفي هذا الإطار، ينبغي التذكير بحالات عدة، تدخّل بعض المواطنين أثناءها لمساعدة الضحايا. من أبرز هذه الحالات، التفجير الذي استهدف النائب مروان حمادة عام 2004، ومحاولة اغتيال وزير الدفاع الحالي الياس المر عام 2005. في الحالتين المذكورتين، تدخّل مواطنون مدنيون للمساعدة على نقل الجرحى الى المستشفيات، نتيجة تعذر وصول سيارت الإسعاف بالسرعة المطلوبة.
وكان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي قد كرّم السيد زهير محمود دكروب، في ٢٢ كانون الثاني ٢٠٠٩، الذي لاحق شاباً كان يحاول نشل سيدة في منطقة الحدث، وتمكن من توقيفه رغم أن المشتبه فيه شهر مسدساً في وجهه، فضلاً عن التنويه بأحد خبراء المتفجرات المتعاقدين مع المديرية، محمود خشاب، على توقيفه مشتبهاً فيه أيضاً، علماً بأن يدي خشاب مبتورتان من المعصمين بسبب انفجار عبوة ناسفة به في ثمانينات القرن الماضي.