حسام كنفانيحادثة قلقيلية بين «حماس» والأمن الفلسطيني هي الأولى من نوعها في الضفّة الغربية، التي كانت إلى حد ما بعيدة عن موجات الاقتتال الداخلي الذي اجتاح قطاع غزّة في حزيران 2007، وأوصل إلى «الحسم العسكري» لمصلحة «حماس». قد تبدو الحادثة فرديّة، لكنها غير معزولة عن معطيات سابقة كثيرة، تنذر بأن الضفة الغربية مقبلة على توتّر أمني، يكون هذا الاشتباك مجرّد بداية له، ولا سيما أن هذه ليست المرّة الأولى التي تشنّ فيها القوّات الأمنيّة للسلطة الفلسطينيّة حملات اعتقال بحق مقاومين من حركة «حماس»، لكنها المرّة الأولى التي تتحوّل فيها الحملة إلى مواجهات دامية، أوقعت 6 قتلى، بينهم ثلاثة من قوات الأمن، إضافة إلى مقاومين من «كتائب عز الدين القسّام»، وصاحب البيت الذي تحصّنوا فيه.
المواجهة لا شك مرتبطة بقرار سياسي ما، سواء لدى سلطة رام الله أو حركة «حماس»، بأن المرحلة المقبلة من التعاطي ستكون مختلفة عن سابقاتها، ولا سيما أن جملة من تبادل الاتهامات سبقت اشتباك قلقيلية، وبلغت ذروتها بعد اغتيال قيادي في «كتائب القسّام»، وتحميل «حماس» سلطة رام الله مسؤولية التنسيق لاغتياله، وصولاً إلى ما حدث في قلقيلية.
موجة من التوتّرات في طريقها إلى الضفة. هذا ما يستشف من قرار «القسام» مواجهة أي محاولة اعتقال من قبل السلطة أو إسرائيل. توتّر نابع أساساً من الحائط المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات في القاهرة، ومن التاريخ المفروض على الطرفين، من قبل المسؤولين المصريين، لـ«إنهاء الانقسام».
تاريخ «قراقوشي» ليس له ما يبرره سوى «سأم» المسؤولين في القاهرة من جولات الحوار الماراتونية، لكن انعكاساته على الأرض ستترجم تصعيداً من قبل الطرفين للتهرّب من الموعد المصري، وإلقاء كرة الفشل في مرمى الفريق الآخر.
من هذا المنطلق يمكن فهم مسارعة حركة «حماس» إلى التلويح بمقاطعة حوارات القاهرة، وإعلان رئيس كتلة «فتح» البرلمانية، عزام الأحمد، أن الحوار «لا لزوم له». اتفاق ضمني بين الطرفين على عدم جدوى اللقاء مجدّداً، لكن الانسحاب الرسمي لن يكون سياسيّاً، بل خلق أجواء ميدانيّة لا تؤهّل للقاء جديد. أجواء تبدأ من قلقيلية وتمتد إلى أخواتها.