عمر نشابةأعيد تفعيل المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي منذ تولي المحامي زياد بارود مسؤولية وزير الداخلية، وأُحيلت عليها عشرات القضايا التي تضمّنت اشتباهاً بتجاوز بعض ضباط قوى الأمن ورتبائها وعناصرها للقانون وللأصول والأخلاق العامة. ولوحظ أخيراً تغيّر في أداء الشرطة، وفي علاقة العسكريين بالمواطنين، غير أن ذلك التغيير بقي خجولاً ومحدوداً. إذ إن تفعيل التفتيش غير كافٍ لإصلاح المؤسسات التي تعاني عجزاً واضحاً في نوعية الأداء.
تنبّه بارود لذلك خلال أيامه الأولى في الوزارة فسعى إلى إطلاق ورشة إصلاح عبر إرغام المؤسسات على التقيد بالمعايير القانونية والمهنية. وحين أدرك أن بعض تلك المعايير بعيدة كلّ البعد عن الثقافة السائدة في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وغيرهما من المؤسسات التي تخضع لسلطته، اقتنع بعدم جدوى الإصلاح الجزئي. فلا إصلاح جذرياً لقوى الأمن الداخلي بدون خطة شاملة تصدر عن مجلس الوزراء وتحظى بتأييد القوى السياسية النافذة، كما أنه لا إصلاح بدون إحالة الحكومة مشاريع تعديل بعض القوانين على مجلس النواب. وبسبب اقتناع بارود بذلك واعتماده أسلوباً هادئاً ورصيناً في التعامل مع المشاكل التي تعانيها المؤسسات، وابتعاده عن الصدام ومواجهة الفاسدين بطريقة مباشرة، انزعج بعض السياسيين منه، وهم يعبّرون اليوم عن اعتراضهم على إعادة توزير بارود في الحكومة التي يُعمل على تأليفها.
هم إذاً من بين الذين يمنعون إصلاح قوى الأمن وغيرها من المؤسسات التي تعنى بخدمة المواطنين. هم ليسوا كذلك بسبب اعتراضهم على إعادة توزير بارود إذ إنه ليس الساعي الوحيد إلى إصلاح المؤسسات ولا يجوز أصلاً ربط نجاح عملية الإصلاح برئيس أو وزير أو مدير، بل الاعتراض على إعادة توزير بارود يأتي من باب الاعتراض على إطلاق خطة شاملة لإصلاح الأجهزة الأمنية التي يسعى بارود، بخطوات صغيرة لكن أكيدة، وبالتواصل مع الجميع، إلى تحقيقها. وليس غريباً أن يواجَه بارود بهجوم سياسي مبطّن، فهم لا يجرؤون على مواجهته علناً بعدما عبّروا بكلام معسول عن تقديرهم لعمله.