برعشيت ـــ الأخبارلم تكد منطقة بنت جبيل تهنأ «بالشمّام البرعشيتي» الذائع الصيت، حتى سمّمت حرب تموز التربة، مسببة تراجعاً في الإنتاج. وكانت جودة التربة في المنطقة قد سمحت لأهلها بزراعة هذه الفاكهة المتميزة بطعمها والمسماة أيضاً «الأناناس البلدي»، فازداد الطلب عليها من جميع المناطق اللبنانية، وبعض الدول العربية، وخصوصاً الكويت والسعودية. وإذا كان مزارعو برعشيت أوّل من جرّب هذه الزراعة، فإنّ ذلك لم يمنع أهل صفد البطيخ وتبنين وعيتا الجبل وغيرها من الإقبال على «الشمام البرعشيتي» الذي راح في السنوات الأخيرة ينافس شتلة التبغ المرّة.
لكن اللاّفت اليوم هو تراجع هذه الزراعة، رغم زيادة الطلب عليها. فقد قضت حرب تمّوز على جودة التربة، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية وبدلات مياه الريّ وفلاحة الأراضي. وحسب المزارع طلال شهاب، فقد أدت الحرب إلى تسمّم الحقول من جرّاء القصف الإسرائيلي، ما جعل حجم حبّة الشمّام يتقلّص. وبعدما كان وزن هذه الحبة يفوق 2 كيلوغرام، أصبح وزنها الآن يقارب كيلوغراماً واحداً أو ما دون ذلك.
لم يعد الدونم الواحد المزروع ينتج أكثر من 500 كيلوغرام، إضافة إلى أنّ كلفة زراعة الدونم تصل إلى مليون ليرة لبنانية، رغم أن سعر الكيلو غرام الواحد هو 1500 ليرة لبنانية، وذلك بسبب الحاجة الماسة إلى شراء مياه الري التي «لا توفرها لنا الدولة»، كما يقول شهاب.
ومعروف أنّ إنتاج الدونم الواحد من الشمام، إذا استخدم الريّ دورياً، يزيد على 2000 كلغ، بحسب المزارع صلاح حمزة من الجميجمة، «ما يعني أن أرباحه تزيد على مليوني ليرة للدونم الواحد، لكون ثمن كيلو الشمّام البرعشيتي يبلغ 1500 ليرة، بينما لا تزيد كلفة زراعة الدونم على 750 ألف ليرة». لكن حمزة تخلّى عن هذه الزراعة بعدما اكتشف أنّ بذرة الشمّام تقضي على المواد المغذّية في التربة، ما يجعلها غير صالحة لهذا النوع من الزراعة من جديد، ويضطره إلى تغيير الأرض المزروعة.
أما حسين ملحم من مجدل سلم فلم يعد، للسبب نفسه، يزرع بذرة الشمّام البرعشيتي المعروفة باسم بذرة «تانيا»، واستبدلها ببذرة من نوع آخر، ما أدّى إلى انتاج نوع آخر من الشمّام، وإن كان أقلّ جودة من الأوّل.