عمر نشابة«قالت مصادر متابعة للتحقيق.... ذكر مصدر أمني رفيع... تناولت أوساط القاضي أو الضابط أو المحقق الدولي الموضوع مؤكدة....» عبارات ومصطلحات تملأ الصحف وتتكرّر خلال نشرات الأخبار التلفزيونية وعبر أثير الإذاعة، إذ يستعين صحافيون بمسؤولين يشترطون عدم ذكر أسمائهم للإدلاء بمعلومات عن تحقيق في جريمة أو قضية جنائية أو عن تحرّك أمني أو عسكري، وأمور أخرى تجذب اهتمام القارئ والمشاهد والمستمع، وترفع من شأن الوسيلة الإعلامية ومن مبيعاتها. فالمدّعي العام لدى محكمة التمييز لا يخاطب الإعلام ولم يُعيّن متحدثاً رسمياً باسمه أو باسم السلطات القضائية، ما يدفع الإعلاميين إلى البحث عمّن يمكن أن يزودهم بتفاصيل الأخبار.
لكنّ ضرورات العمل الصحافي تصطدم بالأخلاقيات والمهنية عندما:
1ـــــ تتناول التسريبات المنشورة أكثر من وصف للإجراءات والوقائع، ودخولها في تفاصيل التحقيق السرية التي يعاقب القانون على إعلانها قبل تلاوتها في المحكمة.
2ـــــ يستخدم بعض الضباط والقضاة التسريبات لإمرار خبر لا يمكن التأكد من صحّته، يسجّلون من خلاله نقاطاً على حساب خصومهم
3ـــــ يخترع إعلاميون مصادر وهمية ينسبون إليها أخباراً غير موثوقة بهدف الإثارة الإعلامية أو لخدمة جهة على حساب أخرى
4ـــــ تتناول التسريبات أسماءً وصوراً لضحايا أو مشتبه فيهم أو شهوداً قبل علم ذويهم بما حصل ومن دون استئذان أحد.
5ـــــ تتضمن التسريبات معلومات يستخدمها الجناة للإفلات من التحقيق أو لتوجيهه بطريقة تبعد الشبهة عنهم. إن غياب الحدّ الأدنى من الشفافية الإدارية والقضائية والأمنية في لبنان، وإصرار المرجع القضائي الرئيسي على التكتّم، يفتحان باب بازار التسريبات الإعلامية واسعاً. ويتباهى «الصحافي الشاطر» بكثرة مصادره السرّية، بينما يحتار المواطن اي مصادر تستحق الثقة.