يحلّ شهر رمضان هذا العام في منتصف فصل الصيف، أي في «عزّ» مشاريع الشباب الكثيرة والمتواصلة خلال عطلتهم الصيفية، ليعوقها بالنسبة إلى البعض، بينما آثر البعض الآخر الرضوخ
طرابلس ــ إيلي حنا
لم يتوقع وليد الفاضل يوماً أن يدرس إمكان صوم شهر رمضان، فالشاب العشرينيّ دأب على صوم هذا الشهر منذ سنين عدة «كأنه فرضٌ وفرصة لغسل القلوب ومغفرة للذنوب». طُرحت الفكرة في مجلس شبابيّ في أحد المنتجعات «حين تحسّر صديقي المقرب على ما سيفوته في موسم البحر من مشاهد وعلاقات وليال بسبب صومه»، يقول الفاضل، الذي يرهن قرار صيامه بعدد رفاقه الصائمين «إذا كانوا كثراً فسأصوم، أما في الحالة الأخرى فصعب». في المقابل، يسخر رائد من ربط صيام رمضان بحالة الطقس أو نوع العمل «فهذا فرض من الله، والتحجج بالحرارة ومشقّة العمل هو انحراف عن الطريق القويم يبرع فيه اللبنانيون». يقسّم سامي السيد، الطالب في كلية العلوم الصائمين إلى نوعين، النوع الأول يتضمن المؤمنين الممارسين لطقوسهم وعقيدتهم بشكل سليم خلال كل الأيام، والثاني يتكوّن ممّن يتذكرون ربّهم في شهر رمضان الذي يعوّلون عليه لإيفاء حسنات تمحو سيئات الأشهر الفائتة. هؤلاء، حسب سامي المنغمس في الشؤون الدينية، لن يتوانوا عن «خلق تبريرات وحتى اجتهادات لعدم الصوم».
«ليك هالخبرية!»، تقول فاتن عند سؤالها عن الصوم، لتضيف: «لا أفهم جدوى صوم بنت غير محجّبة، في شي اسمو نصّ إيمان! أنا الصيف كلّو على البحر وغير هيك ما عندي». يسبّب كلام فاتن الإحراج لأختها رواء، التي كانت تشاركها «مشاوير البحر». لكنها قرّرت الصوم كما جرت العادة، وتستغرب ضرورة ارتداء الحجاب، «فكل رفقاتي بيصوموا ولا وحدي محجّبة!». لا تنسحب عدوى الامتناع عن الصيام على ميرنا السبسبي وزميلها فادي، ففي البنك حيث يعملان، مكيّفات وظروف عمل مريحة يعترفان بمساعدتها لهم على تحّمل الجوع والعطش، «عدا عن أن الصيام فريضة»، كما يضيفان. على صعيد آخر، ليس هذا الشهر بالنسبة إلى البعض سوى عادات اجتماعية مختلفة وبعض البروتوكالات العائلية، فرامي الذي لم يصم يوماً يحترم موعد الإفطار ويتناوله مع أهله أو حتى عند الأقارب في الإفطارات العائلية، فيما يتجنب محمد صادق تناول الطعام داخل المنزل خلال النهار، «مع أن الجميع يعلم بعدم صيامي، لكن احتراماً للأهل ونزولاً عند طلب أمي بعدم الأكل أمام إخوتي الصغار الصائمين». من جهتها تتقمص سهى (اسم مستعار) شخصية الفتاة التقية المؤمنة خلال الشهر الفضيل، «فالسراويل تلامس الكاحل والقمصان تتخطى الكوع ولا بحر ولا سهرات بعد الثامنة». تؤكد سهى تشابه حالتها مع كثيرات من بنات جيلها، مستثنية منهنّ صديقتها رانيا التي لا تتحمل ساعات الصوم، لتردف «أما أنا يا بِلعب الدور كلّو يا بلا». يساهم جهاد في توسيع «حزب الفاطرين»، فهو، على خلاف الجميع، قد استفاد من حلول شهر رمضان في فصل الصيف لأنه يمضيه بعيداً عن أهله في عكار «حيث أسرح وأمرح على كيفي مع أصدقائي المنوّعي المذاهب». إلا أن نعمة جهاد حلّت نقمة على عيد الحاج الذي اعتاد تضمية هذا الشهر في فرنسا، حيث يدرس الهندسة، إذ سوف يضطر الآن إلى الصوم لمراعاة عائلته حتى يحين موعد سفره أواسط شهر أيلول المقبل.