أجبرت الضائقة المادية سمير (اسم مستعار) على استدانة مبلغ 200 دولار من إحسان (اسم مستعار)، وذلك بفائدة 50 دولاراً. لم يتمكّن سمير من سداد دينه، فراح يزيد حتى بلغ 500 دولار. قبل ذلك، كان إحسان قد «عرض المساعدة» على سمير، وزوّده برقم هاتفه للاتصال به عند الحاجة، وهذا ما حصل.لم يدر سمير أن للدائن غايات أخرى. أخذ يبتزّه بما له عليه. طلب منه إيصال كمية من «حشيشة الكيف» إلى شخص لا يعرفه. امتثل سمير للطلب «الأمر». ذهب إلى المكان المحدد، وجلس على دراجته النارية منتظراً وصول الشخص الذي سيتسلّم منه «الأمانة».
أوقفت القوى الأمنية سمير في منطقة الرملة البيضاء ـــــ بيروت. وبعد تفتيش دراجته النارية، عثرت معه على كمية من «الحشيشة» موزّعة في 5 مظاريف. اعترف أثناء التحقيق معه بأنه تسلّم هذه المادة من إحسان الملقّب بـ«الحاج»، ليسلّمها إلى شخص لا يعرفه، مقابل مبلغ 20 ألف ليرة لبنانية عمولة. في المقابل، اعترف بأنه كان يعلم بأن هذه المادة عبارة عن كمية من «الحشيشة». كرر سمير إفادته الأوّلية، ثم نفى في جلسة لاحقة إقدامه على ترويج المخدرات، مكرراً إفادته لجهة استدانته مبلغاً من المال من إحسان. وفي السياق نفسه، أكّد أن إفادته الأوّلية انتُزعت منه تحت الضرب، وأنه لم يكن على علم بمحتوى الكيس الذي ضبط في حوزته.
في المحاكمة، ترافعت موكّلة سمير في الجلسة الختامية عنه، وأشارت إلى أن حالة موكّلها المادية كانت مزرية، وأنه كان في صدد تقديم خدمة للدائن، وكل ما كان يبغيه تأجيل تسديد دينه، طالبة إعلان براءته، وخصوصاً أن نتائج الفحص المخبري جاءت سلبية على كل أنواع المخدرات.
أمّا في الأدلة التي ساقتها المحكمة، فقد ثبت لديها أن سمير حاول ترويج المخدرات، دون أن يتمكّن من إتمام فعله بسبب توقيفه من قبل القوى الأمنية. كذلك ثبت لها أنه كان يعلم بأن المادة التي يحملها عبارة عن مخدرات، دون أن تأخذ بتراجع سمير عن إفادته أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة، «لأن الهدف منها التملّص من التبعة». كذلك رأت المحكمة أن «التذرّع بتعرّضه للضرب من قبل مكتب مكافحة المخدرات لانتزاع إقراره، مردود، إذ إن إفادته الفورية أمام مفرزة استقصاء بيروت تدحض هذا الزعم، وهي كافية لتجريمه بجناية محاولة ترويج المخدرات». في المقابل، منحت المحكمة سمير أسباباً تخفيفية مخفّضة للعقوبة، بعدما ثبت لديها أنه كان يقوم بفعله المذكور للمرة الأولى، إضافة إلى عدم وجود سوابق بحقه، وأخيراً لأنه لم يستطع إتمام فعله قبل أن يوقف.
في القانون، حكمت محكمة الجنايات في بيروت، برئاسة القاضية هيلانة إسكندر وعضوية المستشارين وليد القاضي وهاني عبد المنعم الحجار، بتجريم سمير بالجناية المنصوص عنها في المادة 126 من قانون المخدرات، أي بالأشغال الشاقة لمدة 3 سنوات، وبغرامة قدرها مليونا ليرة لبنانية، على أن تحسب له مدّة توقيفه الاحتياطي، وذلك بعد خفض العقوبة سنداً إلى المادة 253 من قانون العقوبات. كذلك حكمت المحكمة بمصادرة المخدرات المضبوطة، وبإتلافها حسب الأصول، إضافة إلى تضمين المتهم الرسوم والنفقات القانونية. صدر الحكم في بيروت وجاهياً، وأُفهم علناً بحضور ممثّل النيابة العامة الاستئنافية.
م. ن.