مايا ياغيجسّد بعض شباب الجنوب قضيتهم في مسرحية. قلبوا المعاناة إلى كوميديا سوداء حين استعادوا حرب تموز بعد مرور ثلاثة أعوام على وقوعها: بحثوا في أسبابها، تناولوا قصف الجسور والمجازر التي وقعت خلالها، استذكروا تخاذل العرب في حينها، ووقفات المقاومة البطولية إلى أن جاء النصر وتحرير الأسرى.
بحضور جمهور كبير من الأهالي والهواة وغياب شبه تام للشخصيات الرسمية،
عرضت مسرحية «عرس النصر» للمرة الأولى في مسرح مجمع باسل الأسد الثقافي في مدينة صور، يوم أول من أمس.
فيها، تضافرت جهود مجموعة من الشباب، لترجع للمسرح، وخصوصاً ذلك الجنوبي، بعضاً من عزه المسلوب. المسرحية من إعداد قاسم اسطنبولي وإنتاجه، شاب في الواحدة والعشرين من عمره، أثبت نفسه في الكثير من المسرحيات السابقة، منها واحدة عن غزة، تحمل قضايا الأمة والمجتمع. أما الإخراج، فكان لأحمد صلاح، وهو مخرج فلسطيني أراد لمعاناة الناس أن تصل بصورة كوميدية هادفة ونجح في تحقيق غايته، إذ كانت ضحكات الجمهور وتصفيقهم يتعالى مع ارتفاع وتيرة أحداث المسرحية خلال العرض.
بطولة المسرحية كانت للشابة أميرة عابد (21 سنة)، التي جسدت دور أم حسين، أو زينب، والتي كانت تعبر بلهجتها الجنوبية عن واقع الكثير من النساء في حرب تموز، كما تناولت قضايا أكثر آنية كالانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، معلقة عليها في قالب كوميدي ساخر يدخل ضمن تصنيف الكوميديا السوداء. خلال المسرحية، تفجع زينب باستشهاد ابنها في حرب تموز، وهو طالب في الجامعة يدرس الفيزياء النووية.
أما زوجها أبو حسين، أو عباس، فقد أدى دوره مؤلف المسرحية، قاسم اسطنبولي ذاته، فمثّل الرجل الجنوبي البسيط والفطري الذي يرسل دوماً مع بائع الحليب سلاماته لأبي جورج، الرجل المسيحي الذي كان يتكفل تسديد أقساط جامعة ابنه عنه، في مشهد أراد المؤلف منه التأكيد على وحدة حال اللبنانيين رغم تعدد مذاهبهم.
وأدى علي حجيج (23 سنة) دور أبي فادي، وهو شخص من ضيعة أبي حسين يتمتع بمكانة رسمية في لبنان، متخاذل سياسياً واجتماعياً، معروف بمواقفه ضد المقاومة التي يعلنها باستمرار على المنابر والشاشات الإعلامية، ويصفه أبو حسين بـ«غارسون رايس» متهكماً. «إنه من أصعب الأدوار في المسرحية، وخصوصا أن كره الجمهور له بدا واضحاً» كما يقول مؤدي الدور علي، مضيفاً عن اختياره للدور: «إن حب المال والسلطة جعل الكثير من حكامنا والحكام العرب يرضخون لسلطة أميركا». يذكر أن هذه كانت الوقفة الأولى لعلي على خشبة المسرح. من ناحية أخرى، لعب قاسم قاسم دور المقاوم الذي يتعرض في المسرحية للإصابة لكنه يجرجر جروحه لينقل خبر استشهاد حسين إلى أهله.
استغرق التدريب على المسرحية حوالى شهرين تقريباً في مسرح في مخيم الباص، وقد تم بجهود فردية خالصة، حتى أن الإنتاج لم يكن تحت رعاية أحد. وكان من المزمع أن يؤدي المسرحية، التي ينتظر أن تعرض في مناطق أخرى في لبنان، خمسة ممثلين، إلا أن بعض المعوقات حالت دون ذلك، فأداها أربعة ممثلين، غاب عنهم ذلك الذي كان من المفترض أن يؤدي دور أبي جورج.