يا راعينا الذي لا يرعانا
إمّا أنّ الكلام أصبح له معنىً آخر لم نعد نفهمه، وإمّا أنّ للفهم منطقاً آخر لم نعد ندركه، وإمّا أنّها زلّة لسان أو تبرير ملتبس للخطأ بمنطق الخطيئة... هكذا فقط يمكن وصف موقف سيدنا البطريرك المستجد من رفض توزير الراسبين في الانتخابات النيابية، وتحديداً الوزير جبران باسيل الذي أثبت جدارة وكفاءة ونظافة في الوزارة الماضية، وكان من عداد الراسبين في الانتخابات ما قبل الماضية أيضاً. لماذا يتبنى البطريرك مواقف سعد الدين الحريري الطارئة على ديموقراطيتنا في مواجهة الجنرال ميشال عون، الممثل الأكبر للمسيحيين في لبنان؟! لماذا يحاول سيدنا جاهداً تبرير «منطق سعد» بطريقة ملتوية، تظهر سيّدنا ضعيفاً أمام كل اللبنانيين؟ فهل يصحّ انتخاب رئيس جمهورية كل لبنان ورئيس السلطة التنفيذية من الراسبين في الانتخابات، مع العلم بأنه ينتخب من المجلس النيابي الممثل الأول للشعب، ولا يصح توزير وزير راسب، مع العلم بأنه يعيَّن من رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية؟ لماذا أزعجك توزير وزير، ولم يزعجك تجاهل رئيس حكومة «مع وقف التنفيذ» للصلاحية الوحيدة الباقية لرئيس الجمهورية المسيحي بتوقيع مراسيم تأليف الحكومات؟
سيّدنا، لماذا أضعفت المسيحيين حين قسّمتهم وتحاملت على أكثريتهم الشعبية والنيابية، وأنت الأب الذي يفترض بك جمعهم؟!
سيّدنا، من حقّ الرعية على الراعي احترام مشاعرها. فأين أنت الآن من ذلك؟
وأنا هنا أدعو إلى المحاسبة، حسب منطق سيدنا، منطق الديموقراطية الذي لا يسمح بها خذلان المواطنين، واحترام حقهم في تقرير مصيرهم، بأن يُطرح مشروع قانون في المجلس النيابي يُعمَد فيه إلى انتخاب البطريرك من النوّاب الموارنة، ويستفاد بذلك من تجربة الدروز، أو العمل على تأليف مجلس ماروني كنسي سياسي يضم رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب، يعمل على تنظيم شؤوننا الداخلية. ألا يحق للرعية اختيار الأصلح لتدبير أمورها؟
يا راعينا الذي لا يرعانا ولا يسمعنا، لا أمل لنا ننشدك به بعد ذلك. اسمع صوتنا وارعَ شؤوننا أو كُفَّ عنّا واتركنا لغيرك يصلح أمورنا.
سليم صيقلي