رامي زريقيبدو كأننا نعيش «أسبوع الغذاء التقليدي» في لبنان. فخلال الأيام القليلة الماضية، شهد وسط بيروت التجاري إعداد طبقين عملاقين من الحمص والتبولة، أدخلا لبنان من الباب العريض إلى موسوعة غينيس. بالتزامن مع ذلك، افتتح معرض «أرضي». حدثان هامان يستحقان التمعن والتقويم. أولاً في موضوع الحمص والتبولة، وبعد الإشادة بقدراتنا الوراثية في فرم البقدونس، ما زلنا نجهل كيف سيساعد هذا الإنجاز في الحد من السطو الإسرائيلي الممنهج على الثقافة المحلية العربية. فالإسرائيليون يصدّرون صنفاً من الطحينة يحمل اسم طحينة الأرز، يعرفه كل اللبنانيين، وبعضهم من الرسميين، ممن يترددون على المعارض الدولية. والصهاينة مختصون في هذا النوع من النهب الاستعماري. ألم يلحظ أحد كيف محوا مدينة يافا من الوجود وحاولوا إلغاءها من الذاكرة الجماعية حين حولوها إلى صنف برتقال نجحوا في تسويقه عالمياً تحت اسم «JAFFA ORANGES »؟ هل هذا ما ينتظر الأرز الذي يعتبر الكثير من حراسه أن إسرائيل لا تكنّ سوى الخير للبنان؟
أما عن معرض أرضي، فتكمن أهميته بأنه مناسبة لجمع مئات المنتجات والمنتجين الصغار بهدف تسويق منتجاتهم الريفية، ما يساهم فعلياً في تحسين معيشتهم. ولكن، ماذا عن عشرات آلاف الريفيين الآخرين الذين يعانون الفقر والذين لا يقدر المعرض على استيعابهم؟ من يلتفت إليهم؟ وينقل التجربة التعاونية الناجحة إلى باقي هوامش الوطن؟ هناك طبعاً جمعيات عديدة تعمل لإحياء الريف، ولكن إمكانياتها ستبقى دائماً محدودة على الرغم من (أو ربما بسبب) المنح الأجنبية. إلا أن حماية الإشارات الجغرافية والتراث الغذائي كما تنمية الريف هي مسؤوليات تتخطى دور الجمعيات وتكمن في الدولة والحكومة الراعية للمواطن. مهلاً... هل قال أحد حكومة؟