عبارة “الصراع على الراكب” تختصر المشكلة القائمة بين سائقي الحافلات العمومية. أمس نظّم بعضهم احتجاجاً في برج حمود أرادوه سلمياً، لكنّ مجهولاً أطلق النار وجرح اثنين منهم. السؤال الذي طُرح أمس: هل تحوّل بعض السائقين إلى رجال “عصابات”؟
محمد نزال
كان المشهد على بعض طرقات بيروت وضواحيها، أمس، أشبه بحرب تدور بين أصحاب “فانات” النقل العمومية. منذ 3 سنوات نشب “صراع” على اصطياد الراكب، يهدأ ثم يندلع من جديد. أمس، أطلق أحدهم النار من سلاح “بومب أكشن” على حشد من سائقي “الفانات” في منطقة برج حمّود، كانوا يحتجّون على “البلطجة” التي تمارسها ضدهم “الشركة اللبنانية للنقل والمواصلات ـــــ الصاوي زنتوت”، بحسب السائق ريمون سابا، الذي كان يقف قرب حافلته المهشّمة. ادّعى ريمون على عدد من الأشخاص بتهمة إطلاق النار عليه، أول من أمس، على طريق الفنار. أما مطلق النار في برج حمّود أمس، فقد فرّ إلى جهة مجهولة، فيما روى بعض المحتجين أنه توارى في منطقة النبعة. يروي شهود أن رجلاً كان يقف عند الجسر، وأطلق النار بوجه مكشوف، أصاب اثنين من المحتجين بجروح، فنقلا إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة، وهما س.ع. (45 عاماً) و ج.م. (36 عاماً).
يشرح ريمون الأسباب التي أدّت إلى تفاقم الإشكالات، فيقول إن زميله بيار، تعرّض أول من أمس للضرب في منطقة بشارة الخوري، المعتدون يُعرفون بـ“قبضايات الصاوي”، وهم منشترون على جميع الطرقات. ذهب بيار إلى منزله، فرآه ابنه الشاب وهو يبكي. عرف الأخير بالأمر، فجمع عدداً من أصحابه ونزل بهم إلى الشارع. وصلت حافلة للـ“صاوي”، فأوقفوها وأنزلوا ركابها، وأخيراً ضربوا السائق.
يقول ريمون “نحنا مش سهلين، جماعة الصاوي لازم يعرفوا هالشي، خلص ما عاد رح نسكت من اليوم ورايح، ولن نخافهم مع أنهم مدعومون من جهات كبيرة”، ويضيف “حافلاتنا قانونية، ولكنهم يمنعون علينا العمل على خط عين سعادة وسدّ البوشرية والفنار والحمرا وغيرها، وعندما يرون حافلة أحدنا هناك يعمدون إلى تكسيرها ويهينوننا أمام كل الناس”.
ما حصل أمس، من إطلاق للنار على المحتجّين في وضح النهار، لا يمكن وضعه في خانة التنافس بين السائقين العموميّين، إذ إن بعضهم قد تحوّل إلى “مافيا”، بحسب ما يرى سعيد معتوق، الذي كان شاهداً على الإشكال في برج حمّود.
حاولت “الأخبار” الاتصال بشركة “الصاوي زنتوت” لاستيضاح الأمر، لكنها لم تلقَ جواباً. من جهته، حاول رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية، عبد الأمير نجدي، تبسيط الأمر. وضعه في خانة “المزاحمة على الركّاب، في ظل وجود 8 آلاف لوحة نقل عمومية مزوّرة، مقابل 4 آلاف لوحة مسجّلة رسمياً، لذا على القوى الأمنية معالجة هذه الفوضى، وعندئذٍ تصبح “رزقة” السائقين متاحة بطريقة كافية، وتخفّ المنافسة”. أضاف نجدي إنه منحاز إلى جانب “السائقين المعتّرين”. وقال نجدي إن الإشكالات تقع بين الرجال الذين تنشرهم الشركات على الطرقات من جهة، وسائقين يتسلّحون بالعصيّ من جهة أخرى، ولكن نجدي أوضح أن أسباب الخلاف “مادّية محض، وليس لها أي خلفية سياسية أو طائفية”. وعد نجدي ببحث الأمر مع وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، لوضع حد للإشكالات المذكورة، علماً أن “لا حلول فورية لها”.
كان لافتاً أمس، بحسب شهود عيان أن إطلاق النار حصل في ظل وجود قوة من الجيش، وهذا ما رأى فيه عدد من المحتجين “جرأة ووقاحة، ما يؤكّد وجود جهات قوية تدعم مطلقي النار”.
إثر الحادث، حضرت القوى الأمنية إلى المكان، وعملت على تفريق المتظاهرين، كما منعت تجمّع الحافلات تحت جسر برج حمود، وقد تولّت دورية مطاردة مطلق النار.
< hr noshade>
الحقّ على صاحب “العقل المدبر”

ادّعى صاحب إحدى الحافلات أمام القوى الأمنية على ثلاثة أشخاص، اتهمهم بإطلاق النار عليه من مسدس حربي، وتحطيم زجاج حافلته.
المدّعى عليهم بحسب “المعتدى عليه” هم ح.ح ـــــ ف.م ـــــ ع.ج، الذي أكّد أن الأجهزة الأمنية تعرفهم وتعرف أماكن إقاماتهم، إضافةً إلى أرقام هواتفهم، ولكن مع ذلك لا تعمل على توقيفهم، لأن لديهم “واسطة”. يذكر المدّعي أن زميلاً له تعرض للضرب في منطقة بشارة الخوري من جانب رجال “الصاوي” على مرأى من رجال الأمن والدرّاجين، الذين يقفون على التقاطع. يرفض صاحب الحافلة ومعه عدد من زملائه، أن يعتدوا بدورهم على سائقي حافلات الشركات الأخرى، “لأنهم مجرد موظفين” بيد أنهم يصبّون جام غضبهم على ق.ع. مدير إحدى شركات النقل، الذي يرون فيه “العقل المدبّر” لكل ما يحصل من إشكالات على الطرقات.