زينب صالح
لم تتوقف زهرة عن البكاء طيلة النهار عندما علمت برسوبها في امتحان الدخول إلى كلية الطب العام، بعد سنة أمضتها في الدراسة لتحقيق حلم طفولتها بأن تصبح طبيبة أطفال. «أنا متأكدة من أني حللت جميع الأسئلة بالشكل المطلوب، أكيد في زعبرة»، تقول لزميلاتها ناصحة إياهن بعدم خوض هذه «اللعبة» إذا لم يكن لديهن واسطة.
يوافق لؤي على ما تقوله زهرة ويضيف: «لا أصدق أنّهم يعملون وفق العلامات أكيد حسب الطوائف، إنت بلبنان». أما بتول فتحمل كتب السنة الثانية كيمياء وتصعد الدرج في كلية العلوم رافضة التحدث عن الموضوع. تكتفي بالقول: «أنا أكيدة أنّ علاماتي تؤهلني للالتحاق بكلية الصيدلة، بس شو بدنا نعمل... الله كريم». أما مريم وريان وزميلهما الفرحون بقبولهم في كلية الطب العام، فيودّعون زملاءهم في كلية العلوم ذاهبين إلى «الكلية الجميلة محط الأحلام». يؤكد هؤلاء أنّ جدارتهم كانت وساطتهم الوحيدة: «يلي بدو يتأكد يجرب، وصلنا الليل بالنهار وانعزلنا عن العالم حتى مشي الحال». أما علي، الذي قُبِل في كلية طب الأسنان العام الماضي، فقد اختار اختصاصاً آخر خوفاً من صعوبة النجاح بسبب عدم إجادته اللغة الفرنسية الأساسية في التدريس. «بضحك عحالي؟ ما بعرف ولا كلمة فرنسي، كيف بدي افهم عالدكتور؟»، يقول الشاب متحدثاً بأسى عن تجربته: «لكن، ما بتكمل بلبنان... فقط لأن لغتي الإنكليزية».
يرد عميد كلية الطب العام الدكتور بطرس يارد على اتهامات الطلاب: «الشاطر بشطارتو». يضيف أنّه «في بلد الطوائف يصعب التصديق أنّ علامات الطالب هي وسيلته الوحيدة من أجل دخول الكلية، لكن هذه هي الحقيقة». ويوضح أنّ أساتذة كلية العلوم
في بلد الطوائف يصعب تصديق عدم وجود وسائط لكنها الحقيقة
أما بالنسبة إلى الصعوبات التي يعانيها الطلاب فتتركز في الدوام: «من الصبح لعشية، كتير منتعب»، يقول جورج ابن السنة الرابعة. وبالنسبة إلى قدرة متخرّج طب اللبنانية على منافسة زملائه في الجامعات الخاصة يقول محمد بثقة: «الجميع يعرف المستوى المميز لمتخرّجي الجامعة اللبنانية، كثيرون من طلاب الطب في الجامعات الخاصة يفضلون إكمال دراستهم هنا». يضيف أنّ الطلاب ينالون منحاً للتخصص في فرنسا، «وبعد العودة إلى لبنان نقبل فوراً في أي مستشفى نختاره». يختم قائلاً: «نحن طلاب اللبنانية مش أي كلام».