النبطية ــ كامل جابركاد المشهد، أمس، أن يكون مألوفاً في النبطية بحضور إدمون شديد، لو لم يكن هو المسجّى في ناديها الحسيني. لم يختر الصحافي الزميل وصيّته، بفسحة من وقت قبل المرقد الأخير، في المدينة التي أمضى فيها الجزء الأكبر من عمره، ممالأة أو ضرباً يبحث من خلاله عن شهرة ما تدعم مسيرة صحافية خاض مجملها في ثياب الخطر خلف عدسته، يكتب عن مكامن الألم والحزن والدمار التي كثيراً ما أمعنت إسرائيل في رسمها. لقد تمنّى فسحة من وقت في النبطية قبل مثواه الأخير في جديدة مرجعيون، لأنّ هذه المدينة كرّمته مرتين، ودائماً، وجعلته واحداً من أبنائها، وكرّمها حينما انتقاها حضناً يخفّف من ألم التهجير القسري من مسقط رأسه «الجديدة»، بعدما سادها الاحتلال المباشر.
في النبطية، حينما نزح معظم أبناء المدينة بسبب القصف واستعر الموت، لم يكن ممكناً أن تجد غير إدمون شديد، الحامل دمه على صفحة كفه، يدور بين أزقّتها المتشظّية، يكتب بهذا النجيع عن وجع الصامدين، وغياب حضن الدولة.
إدمون شديد، أيها المقاوم بعينك وقلمك وقلبك وعمرك، دُر جنوباً، مثل عادتك، لتنام هذه المرة قرير العين؛ تؤوب نحو بيئة النضال والأصالة «المرجعيونيّة» التي أهّلتك لأن تكون مدافعاً عن الكلمة والحق.