عصام نعمة إسماعيللا تُعدّ المادة 21 من الدستور عائقاً أمام الاعتراف بحق من بلغ الثامنة عشرة من العمر من المشاركة في الانتخابات البلدية. ونستخلص هذه النتيجة من خلال المعطيات الآتية:
أولاً: تقع المادة 21 من الدستور التي تتحدث عن سن الـ21 لممارسة حق الانتخاب، ضمن الباب الثاني المسمى «السلطات»، ولقد فصَّل هذا الباب بصورة صريحة هذه السلطات وحصرها بالتنفيذية والتشريعية والقضائية، ولم يأتِ هذا الباب ولا غيره من أبواب أو مواد الدستور اللبناني على ذكر البلديات أو الانتخابات البلدية. وهذا يدلُّ على أن المادة 21 المتعلقة بتعيين من له حق الانتخاب، إنما قصدت بذلك حصراً الانتخابات النيابية، ولا يمكن إطلاق مداها لتشمل الانتخابات البلدية أيضاً، وذلك إما لأن الدستور اللبناني لم يعالج مسألة البلديات أسوة بغيره من دساتير الدول، أو لأن هذه المادة تتعارض مع مبادئ دستورية ومقدمة الدستور بل ومواد أخرى تتحدث عن مبدأ المساواة بين المواطنين. مما يفرض أن تقرير حرمان فئة من المواطنين من ممارسة حق الاقتراع يحتاج إلى نص صريح، ولا يمكن أخذه بالاستنتاج أو القياس.
فعندما تنص المادة 7 على أن كل اللبنانيين سواسية أمام القانون، وتنص الفقرة ج من مقدمة الدستور على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل. فكيف يجوز بعد هذا النص الصريح أن نفاضل بين من بلغ سن الـ21 وبين من هم دون هذه السن؟ وإذا كان نص المادة 21 من الدستور صريحاً لجهة تعيين الهيئة الناخبة في ما يتعلَّق بالانتخابات التشريعية، فلا يمكن الأخذ بالقياس وتطبيق هذا النص على الانتخابات البلدية ما دام هذا القياس خرقاً لمبادئ ونصوص دستورية أخرى. ولنا حجة أخرى معاكسة عبر إضفاء صفة الناخب على من هم دون سن الـ21 في انتخابات النقابات والجمعيات والمجالس الطالبية والأحزاب، فلو كانت المادة 21 من الدستور مطلقة تشمل كل أنواع الانتخابات، لما كان من الممكن السماح بانتخاب من هم دون سن الـ21 سنة.
ثانياً: استخدمت المادة 21 من الدستور عبارة «حق في أن يكون ناخباً»، مما يعني أن حق الانتخاب هو من الحقوق الأساسية، ولقد أجاز المجلس الدستوري اللبناني في حكمه الرقم 1/1999 تاريخ 23/11/1999 للمشترع عندما يسنُّ قانوناً يتناول الحقوق والحريات الأساسية أن يعدل أو أن يلغي النصوص القانونية النافذة الضامنة لهذه الحريات بشرط أن يحلَّ محلها نصوصاً أكثر ضمانة أو تعادلها على الأقل فاعلية وضمانة...»، واستناداً لهذا الاجتهاد، ليس ما يمنع المشترع من أن يوسِّع دائرة أصحاب الحق في الانتخابات البلدية، لأنه بذلك لا ينتقص من حقوق الأساسية للقاعدة المشاركة في الانتخابات البلدية، بل يوسِّع ويزيد من فعالية هذه القاعدة، مما لا يجعله مخالفاً لحكم أو لروح المادة 21 من الدستور، وخاصة أنها كما ذكرنا أعلاه لا تتعلق صراحة بالانتخابات البلدية.