جوانّا عازار«ضيعة نهر إبراهيم حاملة ثروة ع كتافا وما حدا معو خبرها». عبارة يختصر فيها رئيس بلديّة نهر إبراهيم، المهندس جورج غانم، واقع البلدة التي يعاني ثلث أبنائها العطش، على الرغم من أنّ المياه تمرّ من تحت أقدامهم، هم الذين ينتظرون منذ مدّة استثمار النهر القادر على ريّ مناطق لبنانيّة كثيرة وأن يضيئها حتّى.
هذه البلدة الجبيلية كانت تتغذّى من مياه أفقا بمعدّل مرّة كلّ 48 ساعة، وأحياناً مرّة كلّ 72 ساعة، بنسبة 250 متراً مكعباً من المياه كلّ مرّة. علماً بأنّ «نسبة الاستهلاك اليوميّ للأهالي تبلغ 750 متراً مكعّباً» وفق ما يؤكد غانم. خلال هذه الفترة، كان مجلس الإنماء والإعمار يعمل على إنشاء محطة تكرير للمياه تعمل على جرّ المياه، بمعدّل 14 ألف متر مكعّب، من قناة الريّ التي تصل نهر إبراهيم بمصفاة جبيل، لتكريرها وتغذية جبيل وعمشيت.
يقول غانم: «كانت المياه تجري في عقاراتنا ولا نستفيد منها، فالمياه منّا والمشروع في أرضنا، وقد وافقت مؤسسّة مياه جبل لبنان على مطالب أهل البلدة ولحظت إنشاء محطة تكرير خاصّة بنهر إبراهيم، وارتأت وصول التمديدات إلى بلدة حالات أيضاً، لأن المحطة تستوعب 4 آلاف متر مكعّب من المياه، خصّص ألف منها لنهر إبراهيم، وثلاثة آلاف لحالات وجوارها».
مع إنجاز المحطة قبل نحو عامين، بدأ الضخّ إلى جبيل والتكرير فيها، وفي وقت لاحق إلى نهر إبراهيم «لكن تبيّن أنّ عدد الفيلترات في المحطة غير كاف، ما استدعى توقيف العمل فيها لنحو ستّة أشهر، عاودت بعدها العمل بنجاح بعد زيادة عدد الفيلترات». هكذا باتت المياه تصل إلى قسم كبير من الأهالي الذين يبدون رضاهم عن المشروع. يقول المواطن جورج ضوّ «إنّ المياه تصل إلى أبناء البلدة الذين يستفيدون من المحطة يوميّاً وبنسبة عالية تكفينا». يضيف غانم إلى ذلك: «المواصفات الكيميائيّة والصحيّة لمياه محطّة التكرير جيّدة جداً لأنها في النهاية مياه نهر وتخضع للتعقيم بالكلور، وفق ما تثبته الفحوصات المخبريّة التي تجرى عليها دوريّاً وكان آخرها في 9 كانون الأوّل الماضي». إذاً يضيف غانم «لا مشكلة حالياً مع أبناء البلدة الذين يرتوون من محطة التكرير».
لكن هذا الأمر لم يحلّ مشكلة البلدة، التي لا يزال قسم من سكانها يحصل على المياه من أفقا. هؤلاء يمثّلون ثلث سكّان البلدة ويحصلون على المياه بنسبة غير كافية بسبب المشاكل التي تحصل على خطّ مياه الجرّ من أفقا ومنها الأعطال، اهتراء القساطل وغيرها.
يقول المواطن بطرس ضوّ، الذي لا يزال يحصل على المياه من أفقا: «نشكو من عدم تحويل المياه لنا باستمرار وبما يكفي، ما يضطرّنا إلى شراء المياه لتلبية حاجاتنا». من جهته يشرح غانم: «نحن لسنا ضدّ مياه أفقا، ولو كانت كفيلة بتأمين حاجة المواطنين من المياه لما كان هناك من مشكلة». لذلك يؤكد أن مطلب البلديّة الأوّل هو إشراك كلّ البلدة في الاستفادة من محطّة التكرير التي لا يصلها منا إلا ألف متر مكعب، إضافة إلى تغيير الخزان في منطقة الشقيف في نهر إبراهيم الذي يُعدّ معبراً للمياه». يوضح: «يتّسع الخزان الآن لـ25 متراً مكعّباً من المياه، ويمكن أن يصبح اتّساعه 500 متر مكعّب. وقد وعدت مؤسسة مياه جبل لبنان بتغييره. كما أنّ مشروع جرّ المياه من الخضيرة إلى الساحل الجبيليّ الذي تعمل على تنفيذه مؤسسّة مياه جبل لبنان يستفيد منه الساحل، ما يخفّف من ضغط استهلاك المياه مستقبلاً في المنطقة».
يذكر أن النهر الذي تحمل البلدة اسمه، تبلغ قوّته المائيّة السنويّة 500 مليون متر مكعّب، وهي نسبة كبيرة جدّاً قياساً مثلا إلى حصّة لبنان من نهر العاصي التي لا تتجاوز الـ80 مليون متر مكعّب. والمياه التي تنبع من جبال لبنان تصبّ في البحر وتذهب هدراً من دون الاستفادة منها. علماً بأنّ النهر، حسب رئيس البلديّة، هو ثروة وطنيّة إذا أحسن الاستثمار فيه ومن الممكن أن يؤمّن المياه إلى مناطق لبنانيّة من الشمال إلى بيروت أقلّه في المرحلة الأولى، كما هو قادر على تأمين طاقة كهربائيّة إلى جبيل وكسروان وبعدها المتن.