إذا لم ينته الغطاسون من مسح الأهداف الستين فقد يكملون عملهم اليوم
وبحسب البوصلة، فإن الاتجاه 300 درجة يعني الطلب من الطيار التوجه نحو البحر المفتوح إفساحاً في المجال لهبوط سليم لطائرتي الاتحاد وماليف. لكن ما حدث لاحقاً بحسب التقرير يحمل أخباراً محيرة. في هذا المجال، يقول المراقب في تقريره: «بعد الاتصال المباشر بقائد الطائرة اقترحنا عليه اتجاه 270 درجة نحو اليسار لتجنب الغيوم، لكننا رأيناه يتجه يميناً نحو شكا، ما كان سيعرض الطائرات الهابطة على المدرج 16 للخطر، فطلبنا منه فوراً الاتجاه يساراً 270 درجة». وافق قائد الطائرة دون اعتراض وبدأ بأخذ الاتجاه 270 درجة، لكن التقرير يورد أنه أكمل دورانه شرقاً باتجاه 140 درجة، أي ناحية الساحل، دون أي إذن مسبق كما جاء في التقرير. «حوالى الساعة 02.40 اتصلنا مجدداً بالطيار وطلبنا منه أن يتجه يميناً 270 درجة، فوافق مجدداً لكنه لم يتقيد بتلك التعليمات وأكمل باتجاه 140 درجة. كررنا النداء والتصريح مرات عديدة فوافق قائد الطائرة. وعند الساعة 2.42 كررنا النداء مرة أخرى، لكنه هذه المرة لم يرد». وينهي التقرير روايته بانقطاع الاتصال نهائياً مع الطيار وفقدانه عن شاشات الرادار على ارتفاع نحو 9000 قدم، ولم تنفع محاولات الاتصال به على موجة الطوارئ لسبع مرات خلال ثلاث دقائق قبل إبلاغ برج المراقبة لتطبيق خطة الطوارئ. على صعيد أعمال البحث، انتشل غطاسو فوج مغاوير البحر معظم الأشلاء التي حددتها أوديسى في 60 هدفاً. ولفت مدير التوجيه في الجيش اللبناني إلى أنه «إذا لم ينته الغطاسون من مسح الأهداف الستين، فقد يكملون عملهم اليوم، إذ إن مياه البحر هائجة جداً». أما على صعيد الأشلاء التي أنجزت فحوصها، فلفت مصدر مطّلع في المختبرات الجنائية إلى أن «المختبرات تأكدت من هوية الضحايا: خليل الخازن ورنا الحركة ومحمد عبد الرحمن ساعي (سوري الجنسية) وأجزاء أخرى لحمزة جعفر».
على صعيد التشييعات، كانت بلدة كفرجوز في النبطية (كامل جابر) على موعد مع ابنها محمد علي قاطباي، حيث تحلقت النسوة حول نعشه المزيّن بصوره والورود الحمراء والبيضاء. كانت أمه تقف إلى جانب النعش، وفي يدها صورته. تقبّل الصورة مرات ومرات وهي تردد: «مع السلامة يا حبيبي، يا محمد». أما في باحة البيت الذي ازدان بصور «العريس»، فقد انتشر الشبان والصبايا، الذين أتوا ليشاركوا في الوداع الأخير. هم رفاق الصف في جامعتي البلمند والألبا. حملوا أكاليل الزهر إليه وشاركوا في موكب تشييعه الذي جاب شوارع مدينة النبطية، مسقط رأس والدته. بعدها انتقل الموكب نحو بلدة أرنون، حيث ووري في الثرى في جبانتها بعد تشييع رسمي. أما مدينة صور (آمال خليل)، فقد ضمت إلى ثراها أمس الضحية الشاب مصطفى الأرناؤوط. طلة خاطفة على منزل ذويه كانت كفيلة ليرتفع نحيب أفراد عائلته وكل من عرفه، الأمر الذي دفع بالمشاركين في العزاء إلى تسريع نقله إلى جبانة الخراب ومواراته في الثرى. في زبقين، لم يكن مشهد الفجيعة الذي جاب شوارعها عصر أمس باسم وحيدها الشاب حسين موسى بركات جديداً عليها. لساعات طوال، تمسكت البلدة الصغيرة والمثقلة بالدمار والشهداء بحسين قبل أن يوارى في الثرى بعدما ألبسته علمَي لبنان وحزب الله.
إلى ذلك، يشييع اليوم الضحية حمزة علي جعفر عند الساعة الثانية والنصف ظهراً في بلدته ياطر.
(الأخبار)