أطلقت جمعية «كفى» أمس دراسة أعدتها الباحثة عزة شرارة بيضون عن العنف المنزلي، ولفتت إلى غياب الرجل عن ساحة النضال من أجل النساء ضحايا هذا العنف
زينب زعيتر
تضمنت الدراسة التي وُزعت أول من أمس خلال إطلاق منظمة «كفى» دليل «النساء والرجال... يداً بيد لمناهضة العنف»، ثلاثة أجزاء، وقد تناولت الباحثة عزة شرارة بيضون من خلالها موضوع العنف الممارس ضد المرأة.
في الجزء الأول استحضار وقراءة لأدبيات لبنانية حول الموضوع. الشق الميداني تخلل الجزء الثاني من الدراسة، وذلك عبر عرض تحليل إحصائي لاستجابات نساء مبلّغات عن العنف الذي تعرّضن له على استمارة تناولت أوجه العنف، وكيفية التبليغ عنه، وسبُل التعامل معه. أمّا الجزء الأخير ففيه استطلاع أولي للاتجاهات الراهنة في عمل منظمات تناهض العنف ضد المرأة، وأخرى لم تحسم موقفها النهائي من هذه القضية.
16% من الرجال الذين يمارسون العنف ضد المرأة جامعيون
في النتائج التي يمكن أن يتلمسها القارئ، خلصت الدراسة إلى إظهار غياب شبه كامل لعملية إشراك الرجل في النضال ضد العنف الموجّه ضد المرأة في مجتمعنا، إضافة إلى عدد من النتائج الأخرى من بينها وجود مساواة «تكاد أن تكون تامة» بين ما يدعى بالنساء «التقليديات» و«غير التقليديات»، سواء في سلوكهن إزاء العنف الممارس عليهن، أو في سلوك المعنّف تجاههن.
اعتبرت الكاتبة أنّ ما أُنتج حتّى اليوم، في مجال الأدبيات اللبنانية في موضوع العنف ضد النساء، لم يكن كافياً «وهذا الانطباع مصدره توقعات وحاجات مهنية أو شخصية، وقائم على الأرجح على مقارنة ضمنية مع حجم الأدبيات المنتجة في أمكنة أخرى». مع الإشارة إلى أنّ كتّاب هذه الأدبيات كنّ من النساء باستثناء ثلاثة أسماء من الذكور. تغيب الدراسات مع وحول الرجال المعنّفين، فنتعرف على الرجال فقط من وجهة نظر المرأة. يتبيّن من خلال الدراسة أنّ العنف الممارس من المجتمع، أو الذي يسمح به المجتمع والثقافة السائدة، يمثل اعتداءً على القانون، فالعنف يعني التعدي على مفهوم العدالة التي هي أحد أركان القانون، ونقرأ في الكتاب أن النصوص القانونية اللبنانية منحازة إلى الرجل في تطبيقاتها.
عرضت بيضون دراسة للباحث فادي مغيزل عمّا يُعرف بجرائم الشرف في القانون، حيث تطرّق إلى الأسباب الموجبة لإلغاء المادة 562 من قانون العقوبات، ومنها أنّ المادة تسهّل إساءة استخدام القانون وتشجّع «العدالة الخاصة» وتعمّق الذهنية العشائرية. خلُص الجزء الثاني من الدراسة إلى إحصائيات عن أوضاع 62 امرأة معنّفة لجأن إلى المنظمات الأهلية.
74% من ضحايا العنف الأسري هن نساء تعرّضن للعنف على يد أزواجهن، وتراوحت أعمار المعنِفين بين 27 و70 سنة، أما في ما يتعلق بمستوى تعليم الرجال الذين يمارسون العنف ضد المرأة، فإنه على الشكل التالي: 37% منهم أنهوا المرحلة الابتدائية، 16% جامعيون، 29% يحملون شهادة الثانوية أو المتوسطة، و16% أمّيون.
ترى بيضون أنّ الدراسات التي تناولت مواضيع الرجولة تلفت إلى أنّ الرجال المعاصرين يعانون أزمة جراء تغيّر أدوار المرأة، وهذا التغير «يرونه انتقاصاً من علو مكانتهم». موضوع الاستخفاف بالمرأة المعنّفة عند التبليغ عن العنف في المخفر وأمام القضاء من النقاط التي تُعالج في الدراسة، وفيها تأكيد على أهمية دور المواقع الأمنية والقضائية المعنية باستقبال النساء المبلغات عن العنف والاستماع إليهنّ بوصفهنّ ضحايا لا خاطئات مستفزات. كما أنّ الدراسة تتوجّه إلى الرجل لينظر، بمنظار المرأة المعنّفة، إلى حالة العنف التي تُمارس عليها، هذه النظرة قد تمثّل حافزاً للرجل ليكون شريكاً في عملية النضال ضد العنف الموجّه ضد المرأة.
تُعتبر الإشكالية الأبرز في الدراسة «أنّ النساء إجمالاً يكنّ في مواجهة العنف، ولكن أين الرجل في هذه المعادلة؟ من خلال قراءة الدراسة لا يقع القارئ على إجابات موسعة عن أسباب غياب الرجل عن النضال من أجل هذه القضية».