صور ــ آمال خليلقبل عام تماماً، أثارت «الأخبار» شكاوى أصحاب المحالّ والبسطات في السوق الشعبي، والسائقين العموميين في مدينة صور بسبب مخطط مشروع الإرث الثقافي للمنطقة في مرحلته الثانية. فقد قضت الدراسات الأولية لأكثر الشوارع حيوية واكتظاظاً في المدينة، بأن تقفل الشوارع إقفالاً دائماً أمام السيارات والباصات العمومية التي ترغب في الدخول إلى الحارة القديمة وساحة البوابة وميناء الصيادين والسوق التجاري القديم، وذلك بعد رصف الطرق بأحجار البازلت وزرع الأشجار على جانبيها وتثبيت المقاعد للمتنزهين، كما يقضي المشروع. في المقابل، كان من المقرر أن تنقل نهائياً من ساحة البوابة بسطات الخضر ومحالّ اللحوم

صار لكل حي لجنة ترفع اقتراحاتها وشكواها بشكل دائم للبلدية

والدجاج الملاصقة لموقف السيارات. أما محالّ سوق الألبسة الشعبية المجاورة، فإن المخططين ارتأوا نقلها إلى موقع آخر قريب، يُستحدَث على شكل أكشاك خشبية صغيرة متلاصقة. حينها، أثار الأمر جدلاً كبيراً لدى الفئة المتضررة والقاطنين في المنطقة، ما دفع البلدية إلى التحرك باتجاه هؤلاء ونوابهم لشرح أهداف المشروع وتبادل الأفكار والاقتراحات معهم. من جهة أخرى، تواصلت البلدية مع البنك الدولي ووكالة التنمية الفرنسية الممولين للمشروع ومجلس الإنماء والاعمار المنفذ له مع المديرية العامة للآثار، لبحث إمكان إجراء تعديلات تحقق الأهداف المرجوة من دون أن تضر بمصالح الناس. إلى اليوم، كرست بلدية صور التنسيق مع الساكنين وأصحاب المحالّ في كل شارع يخضع لأشغال المشروع. فقد صار لكل حيّ لجنة تضاف إلى لجنة السوق الشعبي، ترفع اقتراحاتها وشكاواها دائماً إلى البلدية التي تبحثها معهم ومع الممول.
على صعيد آخر، تلقى الممول من بلدية صور «أربعة طلبات رسمية لإجراء تعديلات على مخطط المشروع»، بحسب عضو البلدية المهندس محمد بحر المشرف على سير العمل. أحدها يطلب إبقاء سوق الخضر

تلقى الممول من بلدية صور أربعة طلبات رسمية لإجراء تعديلات على مخطط المشروع

واللحوم، شرط تنظيمه وتجميله واستحداث محالّ مقفلة للحوم وللألبسة. وثانيها يطلب توسيع شوارع التضامن والحسبة القديمة والحمراء لتسهيل حركة مرور السيارات باتجاه واحد وتوقفها على الجانبين، مع إبقاء الأرصفة العريضة بموجب المخطط الأولي للمتنزهين من السياح والمارة وأصحاب المحالّ الموازية لها. وثمة مطلب آخر بتحويل جزء من المساحات الخضراء والزوايا إلى مواقف للسيارات، وبتعديل بعض البنى التحتية التي لم تُلحظ سابقاً في الدراسة.
إلا أن المطلب الرئيسي الذي أثار جدلاً واسعاً بين البلدية والممول، هو حشر البسطات والمحالّ جميعها في زاوية واحدة لترك ساحة البوابة فارغة، وصولاً إلى واجهة المرفأ التجاري. التعديل الجوهري الذي «احتج عليه كل من الممول والمخطط للمشروع الذي كاد أن يطير، جاء بناءً على طلب مرجعية سياسية نافذة تنظم مهرجاناتها في الساحة»، بحسب أحد المشرفين على المشروع رفض الكشف عن اسمه.
وكان مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدينية قد أنهى تنفيذ المرحلة الأولى التي شملت تجميل الواجهة البحرية الغربية، فيما تشمل المرحلة الثالثة تأهيل موقعي البص والميناء الأثريين وحمايتهما.


المشروع

أقرّت حكومة الرئيس رفيق الحريري عام 2001 مشروع الإرث الثقافي، في إطار التخطيط المدني الجديد لخمس مدن في لبنان للسير بها نحو عالم السياحة والخدمات وتجهيز كل ما فيها، حتى السكان، للواقع الجديد بصرف النظر عن تاريخهم الزراعي أو الصناعي أو التجاري. ومنذ عام 2004 يدير كل من مجلس الإنماء والإعمار وبلدية صور والمديرية العامة للآثار والمديرية العامة للتنظيم المدني، المراحل الثلاث للمشروع في صور بتمويل من «البنك الدولي» و«وكالة التنمية الفرنسية» والحكومتين الإيطالية والفرنسية والمجلس. وبعد تجميل الواجهة الغربية للمدينة، أو ما كان يعرف بـ«الخراب»، كمرحلة أولى، من المقرر إطلاق المرحلة الثالثة في غضون عامين، بترميم المواقع الأثرية في المدينة وتحسينها، وربط موقعي البص والقلعة البحرية بمسار واحد.