رامي زريقخلال العام الماضي، أعدّ مركز الدراسات البريطاني «شاتام هاوس»، دراسة معمّقة عن واقع الغذاء ومستقبله في العالم، قد تكون الأفضل من نوعها. تميَز التقرير، الذي اعتبر قضية الغذاء مسألة أمنية بامتياز، بالواقعية السياسية، حيث سلّط الأضواء على سبعة تحديات تواجه المنظومة الغذائية العالمية. يأتي النمو السكاني، وخاصة المدني منه، على رأس القائمة، تليه التغيرات في أنماط الاستهلاك الغذائي، التي ترتبط بتغير مستوى العيش وبالاستهلاك المتزايد للحوم والمنتجات الحيوانية. أما التحدي الثالث، فيتعلق بقضايا الطاقة، التي أصبحت أحد العوامل الأساسية في إنتاج الغذاء ونقله. وحُدّدَ التحدي الرابع في التقلص النسبي للمساحات الخصبة المزروعة في العالم والتي باتت تتدهور بسبب الإفراط باستعمال التقنيات الزراعية الصناعية المكثفة. يمثّل شح المياء التحدي الخامس، وقد أصبحت ندرة الماء مشكلة في بلدان لم يسبق لها أن عرفت العطش مثل بلدان شمال حوض المتوسط. ثم يأتي التغير المناخي في المرتبة السادسة، يليه واقع العمال الزراعيين الذين يزيد عددهم عن المليار ويعيش أكثر من نصفهم في حالة شبه عبودية. يعاني الوطن العربي جميع هذه الأزمات مضاعفةً، إذ إن مدننا تتسع وعدد سكانها يتزايد في ظلّ غياب التخطيط. كما أن أمننا الغذائي يتراجع، ومياهنا جُفّت أو سُرقَت. فنحن نتسابق اليوم مع البلدان الغنية على استهلاك اللحوم، بينما يحتلّ أرضنا صهاينة وأصحاب رساميل جعلوا منها سلعة تجارية وحوّلوا فلاحيها إلى عمال ينتجون سلعاً لا يستطيعون شراءها لأنها مخصصة للتصدير. متى يتحرك الشعب العربي مطالباً أهل السلطة بحقه في الأمن والسيادة الغذائيين؟ سؤال لا أحد يمتلك الإجابة عنه، إلا أنه من الأكيد أن هذا اليوم لن يأتي قبل انتهاء المونديال!