يلازم 130 تلميذاً من مدرسة دير نبوح منازلهم بسبب طرد المديرة معلمة على خلفية سياسية وعدم توفير الشروط لإنجاح العام الدراسي
إيلي حنا
«كنا نتعلم في تلك المدرسة، لكنّنا توقفنا عن الصعود إليها». هكذا جاء جواب سوسن مصطفى، التلميذة في التاسع أساسي في مدرسة دير نبوح، لدى سؤالنا عن مكان المدرسة في هذه القرية المنسية في قضاء زغرتا.
تبدأ الحكاية مع اتهام مديرة المدرسة رامونا أبي طنوس بالتسلّط والفوقية وعدم توفير الشروط المناسبة لإنجاح العام الدراسيّ. تتفجّر المشكلة مع إصرار المديرة على طرد المعلمة جولييت فرح، عبر الطلب إلى التلامذة إحداث ضجّة عند دخولها الصف «لتهشيلها»، كما يقول نزيه مصطفى، التلميذ في السابع أساسي.
نصل إلى المدرسة. تحيلنا الناظرة إلى المفتّش المكلّف من المنطقة التربوية لحل الإشكال. «لا أستطيع التكلم عن شيء من دون إذن الدائرة التربوية في الشمال، فلتسألوا لجنة الأهل، لأنّ قرار عودة التلاميذ بيدها». كلمات مقتضبة للمفتش محمد حرفوش تحيلنا إلى رئيس لجنة الأهل خالد يوسف. يؤكد يوسف أن لا عودة للتلامذة في ظلّ بقاء المديرة هنا، وقد «جمعنا تواقيع جميع الأهالي على عريضة تطالب بتنحيتها من منصبها». ويعزو الأسباب إلى الإهمال الذي بدأ منذ الشهر الأول من العام الدراسي، إذ كان الدوام ينتهي عند الحادية عشرة أو الثانية عشرة بحجة عدم توافر كل الكتب. يشرح يوسف «عقدنا الاجتماعات الطويلة مع لجنة الأهل والمختار لمعالجة الأمور، ولا سيما في مجال تحسين ألفاظها مع التلاميذ!». تتحلّق التلميذة رحاب السيّد مع بعض زملائها حول رئيس لجنة الأهل، ويتسابقون في تعداد نعوت المديرة بحقهم، «أنتم وحوش مش تلاميذ، الله لا يحتملكم، عمركم ما تتعلّموا...».
واللافت أن تلامذة التاسع أساسي لم يبدأوا بعد بتعلّم بعض المواد كالتربية المدنية، ولم يمرّ شهر على تعيين أستاذي الرياضيات واللغة الفرنسية، تبتسم سوسن مصطفى وتقول: «نُشبه كل شيء عدا أننا طلاب لديهم شهادة رسمية هذا العام!».
يتحدث التلامذة عن أنّ معلمة الرياضيات والعلوم هي شقيقة المديرة، مع العلم أن أساتذة آخرين تقدموا بطلب للتعليم، ومنهم أستاذ من القرية، لكن الجواب كان «لا ساعات فراغ لديّ ضمن الدوام».
أما قصّة المعلمة جولييت فرح، فهي تراجيديا بحدّ ذاتها، تتابع السيّد. فالمديرة لم تٌعطها إلا ساعتين يومياً، مقابل خمس على الأقل لباقي الأساتذة، مع تقسيمهما، ساعة صباحاً وأخرى ظهراً، حتّى باتت المعلمة في نهاية الدوام تبحث بين الأهالي عمن يوصلها إلى الطريق العام بسبب رفض زملائها ذلك! والسبب سياسي، يقول ممثّلو لجنة الأهل،
فالمديرة تنتمي إلى تيار مغاير لتيار المعلمة، لهذا تحاول إبعادها عن المدرسة.
النتيجة، نحو 130 تلميذاً خارج مدرستهم، فيما يصرّ أهاليهم على قرارهم أن لا عودة لأبنائهم بوجود المديرة. حتى اللحظة لا تبدو الأمور متجهة إلى الحل، كما قالوا. ويرجّح أحدهم «أن يعود أولادنا إلى العمل معنا في الأرض كما جرت العادة مع أجدادنا. فمدرسة صغيرة تصدّر لنا مشاكل أكثر من السياسييّن». أما المديرة، فقد تعذّر الاتصال بها نظراً إلى غيابها عن المدرسة في هذه الأيام بانتظار حل المشكلة.