بدأت مفاعيل المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل تظهر في مناطق مختلفة مع مقاطعة جامعة أميركية لشركات داعمة لإسرائيل، ومطالبة طلاب في جامعات كندية وبريطانية وأميركية إداراتهم بمقاطعة رسمية
ديما شريف
ينتهي الأحد المقبل الأسبوع التضامني مع الشعب الفلسطيني في الجامعات الكندية الذي يعقد للسنة الخامسة على التوالي تحت عنوان «أسبوع العنصرية الإسرائيلية» (Israeli Apartheid Week). ويهدف الأسبوع التضامني هذا إلى جذب الانتباه إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
لكن مسيرة هذا النشاط لم تكن سهلة، إذ حاربت إدارات الجامعات طلابها لمنع عقده أو تغيير اسمه، كما فعلت إدارة جامعة «ماكماستر» في 2007 عندما حاولت الضغط لشطب «العنصرية الإسرائيلية» من العنوان. أما إدارة جامعة كارلتون فمنعت، في شباط الماضي، تعليق ملصق ترويجي للنشاط بحجة أنّه يخالف القانون الداخلي للجامعة، وأنذرت جميع طلابها بالطرد إذا خالفوا هذا النظام، وخصوصاً الجزء المتعلق منه بحقوق الإنسان!
تميّز التحضير للنشاط هذه السنة بكشف الصحافية ليزا سكوفيلد كيف حاولت إدارة جامعة «تورونتو» عرقلة نشاطات تضامنية مع الفلسطينيين في تشرين الأول الماضي. إذ تبادل مسؤولو الجامعة في أسبوع واحد ما يزيد على 250 صفحة من الرسائل الإلكترونية بينهم ومع إدارة جامعة «ماكماستر» لوقف حصار فلسطين. وهذا ما دفع مئات الأساتذة الجامعيين الكنديين إلى نشر رسالة تطلب من إدارات جامعاتهم التوقف عن تقييد حرية الرأي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
كان الوضع إلى الجنوب، في الولايات المتحدة الأميركية، مختلفاً قليلاً عن الجار الكندي، فعندما قررت جامعة «هامبشاير» في ولاية «ماساشوستس» الأميركية أن تنأى بنفسها عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتقاطع الشركات الداعمة لهذا الاحتلال، أصبحت أول مؤسسة تربوية في الولايات المتحدة الأميركية تقوم بذلك. حصل ذلك في السابع من شباط الماضي إثر ضغوط كبيرة مارستها في السنتين الماضيتين مجموعة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، الناشطة في الجامعة. وكانت جامعة «هامبشاير» أول جامعة أميركية قاطعت نظام الفصل العنصري في جنوب أميركا منذ اثني وثلاثين عاماً. وقتها كان همّ حماية حقوق الإنسان هو العامل الطاغي في اتخاذ القرار، كما هو اليوم.
هكذا، باتت جامعة «هامبشاير» تقاطع اليوم شركات «كاتربيلار»، «يونايتد تكنولوجيز»، «جنرال إلكتريك»، «آي.تي.تي»، «موتورولا»، و«تيريكس» التي تعدها شريكاً في الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية وجرائم الحرب الإسرائيلية. لم يمرّ هذا الخبر بهدوء في الأوساط الأكاديمية، الأميركية والعالمية، إذ اعتبره بعض غلاة الصهيونية مناصرة للإرهاب الفلسطيني. في المقابل، أعدَّه بعض المثقفين خطوة في محلها، فعلَت بعض الأصوات لتناصر القرار، ومنها نعوم تشومسكي، هوارد زين، رشيد خالدي، مصطفى البرغوثي، إيلان بابي، وحتى عضو فرقة «بينك فلويد» روجير واترز.
مقابل هذا القرار التاريخي لجامعة «هامبشاير»، أعلمت إدارة جامعة «بارد» في نيويورك في اليوم نفسه أستاذ العلوم الاجتماعية فيها جويل كوفيل أنّ عقده الذي ينتهي في الأول من تموز المقبل لن يتجدد وسيحال على التقاعد، ويعزو كوفيل الأمر إلى مواقفه من الصهيونية التي اصطدم بسببها مع إدارة الجامعة. وبالفعل، فإن عميد الجامعة ارتكز في قراره هذا على تدريس كوفيل مادة عن الصهيونية العام الماضي، كما أوضح لكوفيل في تقويمه له.
وترافق هذان الحدثان مع احتلال طلاب إحدى الطبقات في أحد مباني جامعة نيويورك مساء الثامن عشر من شباط الماضي أيضاً للضغط على إدارة الجامعة لإنهاء استثماراتها في شركات تناصر وتدعم الاحتلال الإسرائيلي وبناء المستوطنات. واستمر «الاحتلال الطالبي» أربعين ساعة قبل أن تنجح الجامعة في طرد المحتلين من المبنى. وكان قد شارك في الاحتلال طلاب من داخل الجامعة وخارجها. ورغم أنّهم لم يستطيعوا الضغط على إدارة الجامعة لتحقيق مطالبهم إلا أنّ الطلاب لفتوا الأنظار إلى المطالب المحقة وما يمكن للطلاب أن يحققوه في هذا المجال.
تختلف المقاطعة اللبنانية عن مثيلاتها الغربية، إذ لا تتعاطى الجامعات اللبنانية مع الجامعات الإسرائيلية، وفي المبدأ لا تستثمر في شركات داعمة للاستيطان والاحتلال الإسرائيلي. لكن يحدث أن يشارك الأساتذة الجامعيون في مؤتمرات دولية يحضرها أكاديميون إسرائيليون. وهنا تبدأ المقاطعة كما تقول منسقة حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل في لبنان رانيا المصري. وتطلب الحملة اللبنانية من الأساتذة الجامعيين حول العالم مقاطعة إسرائيل أكاديمياً إلى جانب المقاطعة الاقتصادية و«الإحجام عن التعاون الأكاديمي والثقافي» مع الجامعات الإسرائيلية للمساهمة في إنهاء الاحتلال ونظام التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل. وتقول المصري إنّ هذه الحملة قد تنجح، ضمن مقاطعة أوسع، كما نجحت حملة المقاطعة الأكاديمية لجنوب أفريقيا إبّان الفصل العنصري. وجاءت فكرة الحملة اللبنانية رداً على الاعتداء الإسرائيلي المتكرر على المؤسسات التربوية في فلسطين وتماشياً مع دعوات أكاديميين كنديين وبريطانيين لتعزيز المقاطعة عموماً، كما تقول المصري. وتأتي الحملة تجاوباً مع «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل». وقد وقّع على بيان الحملة عدد من الأساتذة في جامعات لبنان المختلفة.


طلاب بريطانيا يحتلون الجامعات

انتشرت موضة احتلال الجامعات اعتراضاً على الحرب الإسرائيلية على غزة كالنار في الهشيم بين الطلاب البريطانيين. فبدأت في جامعة لندن، وتحديداً في «كلية الدراسات الشرقية والأفريقية» وامتدت لتشمل 13 جامعة منها «أوكسفورد». وانتهى احتلال جامعة «مانشستر» إلى مقاطعة اتحاد الطلاب فيها إسرائيل. واتحاد الطلاب في جامعة «مانشستر» هو الأكبر في أوروبا، وهو أول اتحاد طالبي أوروبي يقاطع الدولة الصهيونية.