في بقعة جميلة من المنصورية، افتتح أول من أمس المبنى الجديد لمدرسة فيستا أو first step together، حيث سيتعلّم ذوو الحاجات الخاصة أن الإعاقة ليست حاجزاً بل حافز على الاستمرار
سمية علي
«كل صباح أحمدك يا إلهي، بكرمك زرعت فيّ القوة ورسّختها في روحي، وها أنا بكل إرادتي أحب أن أعمل وأتعلم». هذا ما يردّده الطلاب من ذوي الحاجات الخاصة في مدرسة فيستا عند بداية كل يوم دراسي. هناك، في مدرستهم، يكسرون حواجز الإعاقة الوهمية ويرسمون بالكلمات الخطوات الأولى لمستقبل يأملون تحقيق أحلامهم خلاله. «الحجر الأساس للتغيير هو العلم»، بهذه العبارة بدأت مؤسِّسة «فيستا» الدكتورة فالي مرهج كلمتها خلال افتتاح المبنى الجديد للمدرسة في المنصورية، واصفة المبنى بأنه «الحلم الذي أصبح حقيقة»، مشيرة إلى «أن ذلك كان بمساعدة ودعم الكثيرين ممن آمنوا بالمشروع».
وصفت مرهج أقسام المبنى الأربعة التي ستؤمّن للطلاب العلم إلى جانب الرفاهية. لم تمنع الإعاقة الجسدية طلاب «فيستا» من التمثيل والغناء، فمثّّل بعضهم في حفل الافتتاح لوحة فولكلورية جذابة. غنّى التلاميذ للبنان مع فيروز، وتفاعلوا مع أغنية «لبنان يا قطعة سما» من خلال حلقات الدبكة، بينما تابع الجمهور، الذي تقدّمته عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رندة برّي، المواهب المتنوعة التي يتميّز بها هؤلاء الطلاب، وصفق لهم بحرارة عند انتهاء عرضهم المسرحي.
بعدها، قام الحاضرون بجولة تفقدية على المبنى مع بعض المسؤولين والمشرفين. بعيداً عن صخب الحضور، وتحديداً في كواليس المسرح كان بعض الطلاب يأخذون استراحة قصيرة بعد الانتهاء من أداء العرض المسرحي. يجلس باخوس ماردوسيان، الذي يعاني صعوبة في النطق مع أصدقاء له، يقول «إنه يحب المدرسة كثيراً، وخصوصاً مادة الحساب، طبعاً إضافةً إلى الرسم والتمثيل». هنا تتشجّع صديقته ستيفاني نعنوع لتعبّر عما يجول في خاطرها، «سأكون في المستقبل دكتورة تساعد الناس وتشفيهم من أمراضهم». أمّا محمد شاتيلا فكل ما يريده هو اللعب في ملعب المدرسة، حيث الأشجار الكبيرة والأزهار الجميلة.
تعلو وجه ليا بركات ابتسامة هادئة، وهي تعبّر عن سعادة بالانتماء إلى مدرسة «فيستا»، حيث «أتعلّم مع صديقاتي أشياء كثيرة سأعلمها في المستقبل لتلاميذ آخرين عندما أصبح معلّمة»، فيما تغمز لها صديقتها غنى «بيلبقلك تكوني معلمة». تتحدّث المسؤولة عن مدرسة فيستا، ريم معوّض، عن أن المدرسة تعتمد المنهج العالمي «شتاينر»، الذي يخاطب جسد الطالب وروحه من خلال الفن، أي الرسم والموسيقى والحركة أساساً. تقول معوّض إن المدرسة تستقبل طلاباً من مختلف الجنسيات والانتماءات الطائفية، «لأن رسالة فيستا هي تغيير نظرة المجتمع بجعلها أوسع، وخصوصاً من حيث تقبّل الآخر وتقديره كإنسان».
تصمت معوّض قليلاً، وتشير إلى ما واجهته المدرسة من حيث إيجاد الدعم الكافي، إلى صعوبات مادية تنتظر التفاتة من الدولة اللبنانية، التي لا تعير اهتماما كافياً لذوي الحاجات الخاصة.
في نهاية الحفل لوّح الطلاب بالأعلام اللبنانية، وتمتموا مع الأغنية «بتتلج الدني وبتشمّس الدني ويا لبنان بحبك تتخلص الدني»، على أمل أن يبادلهم رؤساء الوطن المشاعر، فالحب من طرف واحد محكوم بالفشل!


تعاني زينة شاتيلا صعوبة في النطق، لكن ذلك لم يمنعها من إتقان دورها على المسرح. تحب معلمتها لأنها تقرأ لها قصصاً كثيرة، أحبها إلى قلبها «بياض الثلج». أما حين تكبر، فحلمها هو «أنو صير ماما».