يعاني طلاب كليّتيّ الحقوق والآداب في الجامعة اللبنانية في طرابلس ضيق حجم الملعب الذي تتشاركانه. أما ما «زاد الطين بلة»، فهو استيلاء الأساتذة والموظفين عليه وتحويلهم إياه إلى مرأب لسياراتهم
طرابلس ــ إيلي حنا
لا يعود سبب ارتفاع الزحمة في المقاهي ومحال الإنترنت مقابل كليتي الآداب والحقوق والعلوم السياسية والإدارية ـــ الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية في طرابلس إلى عدد الطلاب المرتفع أو إلى ما يُعرف عن نسبة الحضور المتدنية في هذه الكليات، بل هناك سبب بسيط آخر وهو حجم الملعب المخصّص للطلاب داخل حرم الكلية. فهو على صغره، تحوّل إلى موقف لسيارات الأساتذة والموظفين في الإدارة. وما يزيد الطين «بلّتين»، إغلاق الحديقة وسط حرم الجامعة بحجة غريبة عن الجامعة الوطنية اللبنانية: الخوف من لجوء الطلاب إلى الأعمال المنافية للحشمة، والتخوّف من خلوات غير شرعية بين الطلاب والطالبات.
يسخر الطالب رائد حداد من هذه الأعذار، ويراها منافية للحقيقة والمنطق، فحدوث أعمال كهذه متاح في الصفوف الفارغة أو في أيّ مكان بعيد عن الأنظار، ويتابع قائلاً «فليضعوا مراقباً أو أكثر داخل الحديقة وكاميرات إن أرادوا لأننا نريد متنفساً لا أكثر». في هذا السياق، ترى سمر أنطون أنّ مجرد الانطلاق من هذه الحجج للإغلاق هو اتهام مباشر لجميع التلاميذ «بقلة الحياء والأخلاق أو بعدم مسؤوليتهم ووعيهم». وتستغرب أنطون غضّ نظر الإدارة عن الموضوع، فيما تعتقد مريم شحادة وبعض زملائها في قسم الأدب الإنكليزي «أننا في الصف كما الملعب نجلس محشورين ونشعر بقطرات المياه التي تتساقط علينا. أما الحديقة، فهي تضفي بعض الجمال على الجامعة... وتحسّن صيتها»، تضيف شحادة ممازحة.
من جهتها، تضطر شيرين الحاج طالبة الأدب العربي إلى أن تستلقي على إحدى السيارات طلباً لبعض الراحة. فشيرين وأصحابها لا يرون مفراً من ذلك إذ إنّ عدد المقاعد المخصصة في الملعب لا يكفي طلاب صف واحد. إلى جانب ذلك، يصاب بعض الطلاب الذين يحالفهم الحظ ويسبقون غيرهم إلى المقاعد القليلة، بضيق في التنفّس من جراء الدخان الذي يتصاعد من عوادم السيارات. كما يضطر بعض الطلاب إلى الجلوس على ظهر المقاعد لكون السيارات تلتصق بالمقعد في أحيان كثيرة. والمشكلة الكبرى تبرز عندما يحاول أحد الموظفين أو الأساتذة المغادرة إذ إن ذلك يستتبع زحمة بين الطلاب الذين يضطرون إلى الوقوف جانباً كي يتيحوا له المرور وسط الملعب الصغير.
ومن المشاهد الطريفة شبه اليومية في الجامعة خروج أحد المحاضرين أو الإداريين من قاعته أو مكتب للتأكد من خلوّ سياراته ومحيطها من أي متطفلّ قد «يكسر المرآة» أو «يوسّخ السيارة». وحده حبيب منير، طالب الحقوق يرى أنّ من الطبيعي مطالبةَ الجميع بفتح الحديقة لأن إغلاقها لا يخدم أحداً ورأى أنّه يجب المطالبة بسقف جزء من الملعب والأهم تفعيل الضغط من جانب الطلاب والإدارة للمباشرة ببناء المبنى الجامعي الموحد في الشمال.
أما المثير للسخرية بالنسبة إلى جزء من الطلاب، فهو فتح الحديقة عند تنظيم أي جهة حزبية لنشاط داخلها، كالمناسبات الوطنية والدينية. فعندها، يتحول الإقبال على النشاط إلى عمل جامع لكل الطلاب مستقلين كانوا أو مسيّيسن! فدخول الحديقة هدف الجميع وحلمهم مهما كان العلم المرفوع داخلها، والمهم هو الهروب من الملعب المكتظ بالسيارات.