سنة 2003، بسبب المعارك في بغداد، تضرر الأرشيف اليهودي الذي كان محفوظاً في أقبية مبنى الاستخبارات العراقية (قبل أن تحترق طبعاً)، طاولت المياه المخطوطات... وكانت بحاجة إلى ترميم. وفي سنة 2006، تقدمت الولايات المتحدة بهبة لترميم هذه التحف، فأرسل العراق 3000 وثيقة ومخطوطة و1700 قطعة أثرية تعود كلها إلى الحضارة البابلية لترميمها وإعادتها إلى العراق. وتحوي القطع 75% من القطع كتبت باللغة العبرية القديمة، و20% كتبت بالعربية و5% فقط كتبت بلغات أخرى. ومذذاك لم تعد هذه المقتنيات إلى العراق، في ما بات يسميه العراقيون «غوانتانامو الثقافة». فحينما بدأ العراق المطالبة بأرشيفه، أتت الأجابة الأولى بأن المخطوطات تعرضت للرطوبة، وهي بحاجة إلى ترميم. وبقيت المفاوضات مستمرة حتى هذه السنة، عندما أعلن العراق أن الوضع بات لا يحتمل، متهماً الولايات المتحدة بسرقة تاريخه ومخطوطاته، وتحويل هذا الكنز التاريخي إلى إسرائيل.

وأعلنت بغداد رفض طلبات علماء الآثار الأميركيين للتنقيب في العراق، قاطعة بذلك علاقاتها العلمية والأثرية بالولايات المتحدة. ورأى وزير الثقافة العراقي طاهر الحمود أن العراق «عرضة لأكبر سرقة تطاول مخطوطاته وكنوزه التاريخية بتواطؤ إسرائيلي»، موضحاً أن القطع المسروقة «ذات طبيعة حساسة في إطار الصراع العربي الإسرائيلي». ومعروف تاريخياً أن القدس كانت في القرن السابع ق.م. مسرحاً لصراع شديد بين مصر الفرعونية والدولة البابلية الجديدة، ومركزها العراق الحالي. وعندما احتل الملك نبوخذنصّر الثاني المدينة، سبى جزءاً كبيراً من اليهود إلى بلاد الرافدين، مؤسساً لحياة فكرية ودينية يهودية غنية في العراق. فأصبحت بابل، عاصمة الدولة البابلية، مركزاً لنبوءات إرميا وحزقائيل، والمكان الذي نشأ فيه الشكل الحالي للأبجدية اليهودية. ومن ثمرات هذا السبي، تطور التلمود، أهم كتاب شرع يهودي على الإطلاق. ومن بين المخطوطات التي وصلت إلى الولايات المتحدة أقدم نسخة عراقية عن التلمود اليهودي.
ويقول سعد بشير إسكندر، رئيس الهيئة العراقية للمخطوطات والكتب، إن «90% من المحفوظات العراقية في يد الولايات المتحدة، التي أصرت خلال حرب الـ2003 على نقل ما يزيد على 48.000 صندوق تحتوي على مخطوطات وكتب ورسائل كانت في دائرة المخطوطات ودوائر أخرى». ويزيد: «الجامعات الأميركية تستعمل المحفوظات بنحو غير قانوني؛ إذ يقوم الطلاب بدراستها وتصنيفها كما لو أنها ملك لتلك المجموعات. وكل مطالبة بها تنتهي بالفشل».