صور ــ آمال خليلالإضراب عن البحر حتى تطبيق القانون. هذا ما قرر الخوض فيه 750 بحرياً في صور بعد عطلة العيد، على اعتبار أن «آخر الديناميت وسكوت الجميع عنه... الإضراب». فالبحر، حسب ما يقولون ويشعرون، صار ضيقاً عليهم ولم يعد يسعهم «ولا أسف على الفُتات الذي بات يوفره»، ما بقي من مائدة صيادي الديناميت، ممن يتلفون البيئة البحرية ويقتلون صغار السمك. الديناميت والتلوث وفوضى قطاع الصيد وأساطيل اليونيفيل ورفع الدعم عن الصيادين وتقاعس الدولة عن مهامها، باتت ضيوفاً ثقيلة على بحر ضاق صدره، فلم يبقَ فيه مكان لأهله، وخصوصاً بعد عدوان تموز عام 2006.
ويلفت نقيب الصيادين في صور خليل طه إلى ظهور عدد من الحالات البحرية الغريبة منذ عامين، منها تكاثر الأسماك السامة والكاسرة، وانقراض أنواع أخرى. وليست بحرية اليونيفيل بمنأى عما آل إليه بحر صور لناحية التلوث وتراجع الثروة السمكية المفاجئ والتدريجي منذ عامين، بسبب سفنها وبوارجها التي تجوبه يومياً.
وطالب طه مختبرات وزارة الزراعة التحقيق في احتمال تسرب مواد كيميائية وإشعاعات نووية منها أو إصدارها أصواتاً قوية تؤثر على الأسماك.
وبعد جملة الاعتصامات ومناشدات المعنيين التي قام بها الصيادون حتى الآن ضد استخدام الديناميت المتزايد في عملية الصيد لدرجة أن الناس بدأوا يطلقون صيحات الشكوى، يبدي طه استغرابه لعدم تحرك الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية على الرغم من تزايد الشكاوى من هذا الموضوع الخطير. هذا التقاعس المستغرب مقروناً بصمت المعنيين، يطرح التساؤلات عن جدية ما أشار إليه الصيادون مراراً عن تواطؤ بين بعض العناصر الأمنية والصيادين بالديناميت الذين يقدر طه عددهم بحوالى 30 صياداً يستخدمون 15 زورقاً. هؤلاء «يفجّرون» بعمق يتراوح بين متر و45 متراً قبالة الشاطئ، حيث تصبح أجهزة الدولة كلها شهوداً عياناً. إذ تقع على امتداده نقطة ثابتة لوحدة مراقبة الشواطئ في الجيش اللبناني ومركز الأمن العام وفصيلة درك صور، فضلاً عن توافر قطعة بحرية تابعة للجيش اللبناني، منذ عامين تقوم بدوريات مستمرة. لكن الأصوات المدوية التي تؤرق ليل المدينة البحرية والشكاوى والإخباريات المتكررة للجيش والدرك عمن يقوم بذلك لم تفض حتى الآن إلى توقيف أحد الفاعلين.
اللافت أن مصادر في هذه الأجهزة تؤكد تقاعسها عبر تبريرها بأن الديناميت «شغلة مافيات» (وهي لا تحارب المافيات؟) ومن يستخدمه «محمي من قوى نافذة»! يقول الصياد أبو علي إنه «مستعد لتسمية الأشياء بأسمائها والتبليغ عن أماكن تصنيع الديناميت الذي يجري في الليل والنهار على أسطح بعض منازل الحارات القديمة في صور في محضر رسمي».
القوى النافذة والمستقوون بها، لدى السؤال عنهم في الحارات وسواها، يتحولون إلى أشباح لا تعرف لهم أية اسماء أو عناوين. بل يصبح الحذر أو النفي أو الغمغمة بكلام «عموميات» هو الجواب عن كل الأسئلة.
إجحاف الأقربين دفع بالصيادين إلى التحرك بعيداً باتجاه المصدر. إذ أعلن طه عزمه ووفداً منهم، على زيارة وزراء الداخلية والدفاع والزراعة في خطوة أولى قبل الاعتصام المفتوح أمام وزاراتهم إذا لم تحل قضيتهم.


نبذة عن الديناميت

يصنّع الديناميت الذي يستخدمه الصيادون، يدوياً، وذلك بسبب غلاء أنواعه الأخرى الجاهزة.
وأهم مواده الأولية: نشارة الخشب الناعمة والسكر العادي ومواد السماد الكيماوية الزراعية.
تلفّ المواد في شكل أصابع تربط بفتيل وترمى في نقاط تجمّع السمك الذي يقترب منها على أنها طعام. ثم تفجّر ويجمع السمك «المقتول» بالشباك، فيما يترسّب في قعر البحر ما يبقى من المواد الكيماوية التي تنتشر مسممة الأعشاب البحرية والأسماك، وخصوصاً الصغيرة.
وقد يستخدم صيادون ديناميتاً يُسرّب من المقالع والكسارات.
ومما لا شك فيه أن من يريد الديناميت يمكنه الحصول عليه في السوق اللبنانية بعد القليل، فعلاً القليل، من التقصي.