يُتوقع أن يدين مجلس حقوق الإنسان للمرة الـ21 انتهاكات إسرائيل الخطيرة بحق الفلسطينيين، ورغم أن قرارات هذا المجلس غير ملزمة، فإنه يمثّل إطاراً لفضح الانتهاكات، واستخدامها في دعوات جنائية لاحقة ضد من اتخذ قرارات نتجت منها جرائم حرب في غزة. «الأخبار» استطلعت الجهود التي قامت بها جمعيات حقوق الإنسان العربية في متابعة الانتهاكات وتوثيقها وتقديم المعلومات والشهادات لإدانة إسرائيل
بسام القنطار
في سابقة إيجابية، خرجت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن «صمتها وحيادها» واتهمت الجيش الإسرائيلي صراحةً بمنع فرق الإغاثة من الوصول لجرحى فلسطينيين بينهم أطفال ظلوا عالقين 5 أيام إلى جانب جثة أمهم القتيلة في حي الزيتون في غزة. وبحسب موقع منظمة بيتسلم الإسرائيلي للدفاع عن حقوق الإنسان فإن «إحدى الأسر المعنية هي أسرة السموني في حي الزيتون».
وعلى ما يبدو أسهم هذا «الحادث المثير للصدمة» بحسب ما قال بيار وتاش مدير اللجنة في إسرائيل، إضافة إلى قصف مدرسة تابعة للأونروا، في الإسراع في انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. فللمرة الخامسة منذ تأسيسه قبل عامين ونصف عام، يستعد هذا المجلس لعقد جلسة استثنائية اليوم، في مقر الأمم المتحدة في جنيف، ويُتوقع أن يصدر عنه قرار، غير ملزم، يدين إسرائيل بسبب الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في عدوانها الأخير على غزة.
ويأتي انعقاد هذه الجلسة الاستثنائية التاسعة، بناءً على طلب رسمي جاء من 33 دولة عضواً من بين 47 في المجلس. ويصنف هذا المجلس بأنه غير خاضع لسيطرة الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية. إلا أن قراراته غير الملزمة جعلت منه إطاراً لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان بدل العمل على إيقافها.
ومنذ إنشائه، دان المجلس إسرائيل 20 مرة. وجاء طلب انعقاد جلسة اليوم، بناءً على طلب من المجموعة العربية التي ترأسها مصر، والمجموعة الإسلامية التي ترأسها باكستان، ومجموعة دول عدم الانحياز التي ترأسها كوبا، فضلاً عن روسيا والصين.
«ويؤشر انضمام كل من الأرجنتين والبرازيل وتشيلي ولاحقاً سويسرا إلى الدول التي وقّعت طلب انعقاد الجلسة، إلى أنه حتى الدول التي كانت عادة تلتزم الحياد في جلسات المجلس، وخصوصاً في ما يتعلق بإسرائيل، قد شعرت بأن ما يجري في غزة لم يعد مقبولاً السكوت عنه». بحسب أحمد السويسي مدير منظمة «شمال جنوب 21» التي تتخذ من جنيف مقراً لها.
اللافت أن الدول الأوروبية الأعضاء في المجلس وكندا وكوريا الجنوبية لم تنضمّ إلى الدول المطالبة بانعقاد المجلس. ويُتوقع من هذه الدول أن تمتنع عن التصويت أو أن تعارض مشروع القرار الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه وسيعرض على التصويت مساء اليوم.
ويدعو مشروع القرار «لاتخاذ إجراء دولي عاجل لوضع حد فوري للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. ويطالب إسرائيل، بأن ترفع فوراً الحصار، وتعيد الإمداد، بالوقود والأغذية والأدوية إمداداً غير متقطع، وفتح المعابر الحدودية».
وعشية انعقاد المجلس، استطلعت «الأخبار» الجهود التي قامت بها جمعيات حقوق الإنسان العربية في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية. ويتضح من خلال المواقع الإلكترونية أن من بين ما يزيد على 20 جمعية فلسطينية، تقدم 3 جمعيات فقط تقارير حديثة ومفصلة عمّا يجري في غزة. وهذه المنظمات هي: المركز الفلسطني لحقوق الإنسان (مركز مستقل مقره مدينة غزة) ومنظمة «الحق» (رام الله) ومركز الميزان لحقوق الإنسان (مخيم جباليا).
ويشير جبر وشاح من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى «أن المركز رغم ظروف القصف العنيفة يقوم بعملية توثيق لكل الانتهاكات التي تحصل، وأهمها جمع الشهادات الموثّقة تحت شعار «ما زلت حياً» ومن بينها شهادة لمسعف في مستشفى كمال عدوان في غزة يصف حالة الجرحى جراء قصف المدرسة.
كما قامت منظمة شمال جنوب 21 بتوثيق شهادة مراسل تلفزيون «فرانس 24» رجا ابو دقة الذي صودف وجوده في المكان، وأكد أنه لم يشاهد أي عملية لإطلاق الصواريخ قرب المدرسة قبل أن يجري استهدافها.
بدورها تنادت المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان لاجتماع اليوم. ويشير مدير (حقوق) غسان عبد الله إلى أن المذكرة التي أعدها تطالب مجلس حقوق الإنسان بدعم مطلب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان، وذلك بأن يوصي بالتئام الجمعية العامة بحسب قرارها الرقم 337 «الاتحاد من أجل السلام» وذلك لاتخاذ إجراءات بحق إسرائيل دون تعريضها لحق النقض (الفيتو).
أما محمود حنفي، من مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان، فلقد أكد لـ«الأخبار» أن ورشة العمل التي نظمتها المؤسسة، أول من أمس في بيروت، أوصت بضرورة الضغط على منظمات حقوق الإنسان الأوروبية لتضغط على الاتحاد الأوروبي لمراجعة قراره بشأن تعزيز العلاقات مع إسرائيل. بدورها أطلقت الجمعة الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) حملة دولية لجمع المليون توقيع لمقاضاة قادة الحملة العسكرية العدوانية على غزة وتعويض المواطنين المتضررين. وسوف تقدم هذه العريضة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
بدورها حافظت منظمة العفو الدولية، على إدانتها للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني عبر تقرير فنّد حوادث تتعلق بالأساليب التي يستخدمها الجنود الإسرائيليون والمقاتلون الفلسطينيون، ولا سيما استخدام الدروع البشرية التي تعرض حياة المدنيين للخطر. ودعت المنظمة إلى إجراء «تحقيق مستقل بِشأن هذه الانتهاكات» المفترضة لحقوق الإنسان، التي تشمل جرائم حرب محتملة ارتكبها الجانبان.