ضبيه ــ رندلى جبورالسعي لتطبيق العدل البيئي عكَس في أول مشاهده اللبنانية، على هامش «المؤتمر الإقليمي حول جرائم البيئة في الدول العربية»، إجماعاً مقابل أكثر من تناقض بين وزارة البيئة والقضاء.
أما الإجماع، فعلى ضرورة إنشاء نيابة عامة بيئية يتفرّغ فيها نائب عام متخصص لتطبيق القوانين المتعلّقة بالجرائم البيئية، وهو ما لم يحصل حتى الساعة. وأما التناقضات، فتجلّت في أحاديث خاصة لـ«الأخبار» مع كلّ من وزير البيئة أنطوان كرم، الذي ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر في فندق رويال ضبيه، والمستشار في محكمة التمييز القاضي نبيل صاري.
كرم أعلن صراحة «غياب النظام القضائي البيئي»، وأكّد أن «وزارة البيئة طالبت وزارة العدل بتفريغ مدّع عام للنظر في القضايا البيئية».
بدوره، نقل المدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور «تمنّي الوزير إبراهيم نجار، بعد صدور التشكيلات القضائية، تخصيص نائب عام بيئي متفرّغ في كل محافظة للملاحقة وتطبيق القوانين الجزائية».
ورداً على غياب المحاكمات البيئية، وخصوصاً في مسألة الحرائق المفتعلة، وعن شكاوى المواطنين بشأن وزارة البيئة ودورها في هذا الموضوع، ردّ كرم: «يجب معرفة سياسة (الانتماء السياسي) هؤلاء الأهالي، وهل يسكنون في بلداتهم أو اطّلعوا على عمليات الرش بالهليكوبتر التي قامت بها الوزارة؟».
كلام كرم ناقض كلام القاضي صاري الذي قال لـ«الأخبار» إنه «لم يوقَف أحد، أو يحاكَم على خلفية الحرائق المفتعلة». أضاف: «هناك فساد بيئي، والمرتكبون يحتمون بالطائفة أو بالزعيم».
الواقع اللبناني ليس أقل تناقضاً من الواقع العربي، مع فارق بسيط هو أن لبنان يشهد اعتداءات صارخة على بيئته. لذا، كان دون غيره من يستضيف المؤتمر الإقليمي البيئي، وفق ما شرح الدكتور وسيم حرب، المستشار في برنامج «إدارة الحكم» التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ويحمّل حرب مسؤولية التدهور البيئي وغياب المحاسبة «للجميع، سواء من الطرف الحكومي المركزي أو من الأطراف الرسمية المحلية، كالمحافظين والبلديات وهيئات المجتمع المدني وأصحاب المصالح الذين لا يلتفتون إلى الشروط البيئية في مؤسساتهم».
ولعل أبرز العوامل التي دفعت إلى تنظيم المؤتمر، هو غياب الشعور بخطر التدهور البيئي لدى المواطنين. أما أبرز الأهداف فحثّهم على فهم الأثر السيّئ للجرائم البيئية على استقرار الفرد ونموّه وصحته، «فيتحول قوة ضاغطة في اتجاه السياسات المتقاعسة»، يقول حرب.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر يتابع أعماله اليوم، ويناقش الجرائم البيئية في العالم العربي، ودور التشريعات في الحد من هذه الجرائم، ودور النيابة العامة والأساليب والتقنيات للوقاية من الجرائم البيئية. ويشارك فيه ممثّلون عن وزارات العدل العربية وقضاة وباحثون عرب وأجانب وممثّلون عن منظمات وهيئات بيئية.


441 محضراً وموقوف واحد

يخلص تقرير المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بشأن نتائج التحقيقات التي أجرتها قطعات قوى الأمن في حرائق الغابات والأحراج، التي نشبت هذا الصيف، إلى «عدم توفّر المعطيات التي تتوافر من خلالها الأدلة الكافية على وجود حريق مفتعل أو مسبّبين لهذه الحرائق».
ويشير التقرير الذي صدر بتاريخ 2/1/2009، وحصلت «الأخبار» على نسخة منه، إلى أن القوى الأمنية نظّمت حوالى 441 محضرَ تحقيق في حرائق غالبيتها في محافظة جبل لبنان (251 حريقاً) والجنوب (100 حريق). وبنتيجة التحقيقات في 64 منها، أُوقف شخص واحد وتُرك ثمانية أشخاص بسندات إقامة. واللافت أن ما يزيد على 95 % من هذه الحرائق وقع في الأملاك العامة.