صور ــ آمال خليلعلى مدى يومين، استعادت مدينة صور أجواء الأعياد عبر كرمس «جيران بلا جدران»، الذي جمع أطفالاً فلسطينيين ولبنانيين مختلفين جسدياً وفكرياً في باحة المدرسة الجعفرية. كرمس تعاون على تنظيمه كل من مؤسسة «الرؤية العالمية» والمركزين الشريكين لها في مشاريعها في مخيمات صور، مركز نبيل بدران للأطفال المعوّقين ومؤسسة المرأة الخيرية. وكانت مساهمة من الوحدتين الإندونيسية والإيطالية العاملتين في إطار قوات الطوارئ الدولية، إضافة إلى الصليب الأحمر اللبناني، بلدية صور، مركز مصان ومؤسسة الكيان. أما التمويل فقد تنوّعت مصادره محلياً وأممياً.
هذا النشاط هو الأول من نوعه في المنطقة. فالجيران الذين يجمعهم الكرمس على الترفيه والتسلية واللعب، هم الأطفال الفلسطينيون في مخيمات صور، واللبنانيون الذين يجاورونهم في ضواحي المدينة. أما الجدران التي يُهدَف إلى هدمها، فهي الاحتياجات الخاصة لدى الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين، وخصوصاً أنّها ما يمثّل عائقاً للتواصل لدى بعضهم.
المبادرة جاءت من «الرؤية العالمية»، التي تدير برنامج تأهيل المجتمع المحلي للمعوّقين، باتجاه مشروع الحق في التعلّم للأطفال اللاجئين في مخيم البصّ عبر مركز نبيل بدران للمعوّقين ومؤسسة المرأة الخيرية. وهي تهدف إلى توسيع مروحة الدمج، بدءاً من البص وسائر المخيمات والتجمعات الفلسطينية المجاورة، وصولاً إلى مدينة صور وضواحيها.
«لأن اللعب والفرح أبرز ما يجمع الأطفال على اختلافهم»، بحسب كوليت قزي مديرة المشروع، جاءت فكرة تنظيم الكرمس خارج جدران المركز والمخيم في جزء من أنشطة الدمج ودعم حقوق الطفل المعوّق في التعلّم واللعب في كل مكان. فالكرمس برأي قزي «يمثّل الخطوة الأولى باتجاه دفع المجتمع إلى تبني الدمج والاعتراف بحقوق الطفل المعوّق وعدم حبسه داخل مراكز متخصصة بسبب اختلافه الخلقي، بل إشراكه في الأنشطة والأماكن العامة، إذ إنه يجب عدم التمييز بين الأطفال بسبب ما يسمى أسوياء ومعوّقين».
مكان إقامة الكرمس عينه كان نموذجاً للهدف الذي يعمل من أجله المنظمون: الدمج. صحيح أن إدارة المدرسة الجعفرية تبرّعت بالباحة، لكنها كانت خالية من كلّ التسهيلات، ولا تتوافر فيها التجهيزات الهندسية التي تسمح لذوي الاحتياجات الخاصة بالوصول إليها والمشاركة في فعّاليات الكرمس. فهذه المدرسة الرسمية مثل معظم قريناتها في المنطقة ليست جاهزة أو قابلة لاستقبال الطلاب المعوقين. لذلك استُحدثت كلّ المنحدرات الحديدية التي كانت بانتظار المشاركين بجانب الدرج والمسرح وأمام الألعاب الكبيرة، بالإضافة إلى المرحاض. كذلك تبرّع الكادر التعليمي في مركز بدران بمساعدة الأطفال الصمّ والبكم على الاستمتاع بالألعاب والعروض الراقصة والغنائية والبهلوانية التي قدمتها فرق فولكلورية وفنية محلية فلسطينية ولبنانية بالاشتراك مع أطفال المركز.
أمهات الأطفال كانت لهنّ مشاركة أيضاً، حيث نظّمن، بالتعاون مع مؤسسة المرأة الخيرية، معرض أشغال يدوية كنّ قد صنعنها بدعم من برنامج تأهيل مجتمع المعوقين في مخيم البصّ.


سياسة حماية الأولاد

وقّع المشاركون والزائرون والإعلاميون المدعوون إلى تغطية فعّاليات الكرمس بياناً حمل عنوان «سياسة حماية الأولاد»، وهو بيان يفرض على الموقّعين التواصل مع الأطفال المشاركين على نحو لائق، احترام خصوصياتهم ورغبتهم الحرّة في التعبير أو التصوير أو رفض ذلك. وعلى هامش الكرمس، اختارت الوحدة الإندونيسية تسلية الأطفال عبر «السيارة الذكية» التي تحمل على جنباتها قصصاً وكتباً تربوية وتثقيفية وألعاباً، تحوّلت في نهاية الكرمس إلى هدايا وزّعت على 35 طفلاً شاركوا في مسابقة رسم عن السلام وحقوق الطفل.