صيدا ــ خالد الغربيهل ينتظر الصيداويون مئات السنوات الإضافية كي يتخلصوا من مشكلة مكب النفايات أو «جبل الزبالة»، كما يسمونه؟ هل تعدّلت مدة المشروع المقرر تنفيذه خلال أربع سنوات إلى أربعمئة سنة؟ على الأقل، هذا ما يقرأه المارّون في المكان على اللافتة الحديدية الصفراء الموضوعة عند مدخل مكب النفايات في المدينة. فقد لفت انتباه هؤلاء ما كتب على اللوحة الأخيرة من اللافتة الرسمية «مدة التنفيذ 400 سنة»، بعدما كانت 4 سنوات. وكانت اللافتة قد وضعت منذ عام 2004 حين حضر الأمير الوليد بن طلال شخصياً لرعاية حفل توقيع الاتفاقية بين مؤسسته الإنسانية وبلدية صيدا لتنفيذ مشروع «معالجة مكب النفايات وإزالته»، بهبة قيمتها خمسة ملايين دولار أميركي.
اللافتة الجديدة استوقفت الصيداويين، لأن العمل في المشروع توقف بعد أشهر قليلة من إطلاقه، إذ سحبت الآليات من دون معرفة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا الموضوع. يومها، لم يصدر أي بيان عن أي من الجهات المعنية، سواء البلدية أو المؤسسة، ولا حتى عن شركة الجنوب للإعمار لصاحبها رياض الأسعد المتعهدة تنفيذ المشروع، أي بيان يعلل ماذا حصل.
لكن من هي الجهة المسؤولة عن هذا التصرف، التي أخذت على عاتقها تغيير مدة التنفيذ وتمديدها إلى أربعمئة سنة؟ لا نعرف حتى الآن، فقد يكون من فعل ذلك مواطنون عاديون لم يعودوا قادرين على العيش في محيط المكب، فقاموا بذلك بهدف ممارسة التهكم بعدما ضاقوا ذرعاً من وعود أطلقتها، مراراً وتكراراً، قوى سياسية واجتماعية في المدينة. هؤلاء سمعوا الكثير عن حلول نظرية لمعالجة الأزمة، لم تترجم عملياً حتى الآن.
في المقابل، يتضخم المكب ويزداد طولاً وعرضاً يوماً بعد يوم. «فأربعمئة سنة تعني عملياً نعياً لهذه الحلول والوعود»، كما يقول ابن المدينة محمد الكلاس الذي كان يتريض على دراجته الهوائية حين استوقفته لافتة المشروع وتعديل فترة التنفيذ. ويرى الكلاس أنّ من عدّل المدة إلى 400 سنة لتنفيذ مشروع إزالة المكب محق في طرحه، وفي ذلك دلالة على عدم تصديق كل ما يقال عن معالجة أمر المكب. فمياه الواقع تكذّب غطاس الوعود. إنها وعود معلقة».