محمد زبيبعندما حذّر وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، من أن الذهاب إلى قمة الدوحة سيقضي على قمة الكويت التي استغرق التحضير لها أكثر من عام، ساد الاعتقاد بأن هناك نوعاً من التعويض للمواطن العربي الغاضب من تواطؤ حكّامه، وبالتالي فإن القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية، الأولى من نوعها، ستخرج بتوافقات نادرة، ترمي إلى دعم التنمية في المنطقة العربية ودفعها إلى الأمام، وتحقيق بعض الخطوات الضرورية على طريق التكامل الاقتصادي العربي والاقتراب من السوق المشتركة المقررة منذ أكثر من 50 عاماً.
إلا أن القرارات الصادرة عن القمّة، جاءت أكثر من مخيّبة، بل إنها لم تقارب حتى المشكلات الأساسية التي تعانيها المجتمعات العربية واقتصاداتها الموغلة في التخلّف... فالقرارات الثمانية التي استغرق إعدادها «أكثر من عام» ليست في الواقع إلا عناوين عامّة لقرارات مفترضة كُرِّرت حتى الملل في كل القمم العربية السابقة، العادية والطارئة، التي لم تكن تحمل أي عنوان اقتصادي أو اجتماعي أو تنموي!
لقد أصاب المحللون الذين رأوا أن الحرب الإسرائيلية على غزّة جاءت لتغطّي على فشل القمّة أو قمّة الفشل، فالصراعات التي أنتجت بياناً تافهاً حول هذه الحرب الهمجية، جعلت من العناوين الفضفاضة التي سبقت انعقاد القمّة، عناوين هامشية، لا تحظى بالاهتمام الكافي من جانب الرأي العام أو الإعلام، طبعاً ما عدا إعلام التصفيق والتطبيل والتزمير، وتكفي الإشارة إلى أن القرارات الثمانية الصادرة لم تأخذ بحوالى400 مشروع تقدمت بها منظمات وهيئات وحكومات عربية مختلفة، بل لم تجر أي مناقشة لجدوى هذه المشاريع، فضلاً عن إهمال كل مساهمات الهيئات غير الحكومية التي حاولت أن تضيء على المسائل البديهية لأي مشروع تنموي، ولا سيما على صعيد معالجة مشكلة البطالة، التي معدّلاتها في المنطقة العربية هي الأعلى بالمقارنة مع المناطق الأخرى في العالم، فهذه المنطقة تحتاج إلى توفير 100 مليون وظيفة حتى عام 2020، وهذا التحدّي الضخم ليس من الممكن مواجهته في ظل اقتصادات ريعية بامتياز وآليات توزيع غير عادلة تدفع إلى المزيد من تركّز الثروة، فيما تُبقي أكثر من 70 مليون عربي تحت خط الفقر المدقع يعيش كل واحد منهم بأقل من دولارين يومياً.