طلعت شاهيناعتدنا كل عام إقامة الاحتفالات والتكريمات وتوزيع النياشين والهدايا والكلام الجميل الذي يتحدث به المسؤولون في الدولة، تكريماً لأبطال حرب السادس من أكتوبر 1973 الذين صنعوا أكبر نصر عسكري في تاريخ مصر الحديث، حسب المؤرخين العسكريين الذين أرّخوا لهذه الحرب. لكن الواقع الفعلي يؤكد أن هؤلاء الأبطال لا يجدون أي نوع من تلك «الرعاية» الخاصة التي يتحدثون عنها في وسائل الإعلام، وتصبح ككلام الليل المصنوع من الزبد الذي تطلع عليه الشمس فلا تجده. وقبل أن تبدأ احتفالات هذا العام ككل عام بالكلام الجميل والخطب الرنانة، نريد أن نذكّر المسؤولين بالدولة، ومعظمهم لم يشهد هذه الحرب ولم يعرف معاناة أن يضع الإنسان روحه على كفه ليقدمها هدية للوطن، وهذا أمر فعله الكثيرون، أن من كتبت لهم الحياة ليشهدوا نصر وطنهم فقط تقدمت بهم السن وأصبحوا على وشك التقاعد بعدما خدموا الوطن أيضاً في مواقعهم المدنية، إن لم يكن قد أحيل الكثير منهم إلى التقاعد فعلاً، لأننا نحتفل هذا العام بالعيد الخامس والثلاثين لهذا الانتصار العظيم.
ومن يستعد من هؤلاء الأبطال للإحالة إلى التقاعد تقدموا إلى الهيئة العامة
للتأمينات الاجتماعية بشهادات تثبت مشاركتهم في هذه الحرب وتطالب بحقهم في احتساب مدة الخدمة العسكرية على الجبهة والمشاركة الفعلية في القتال كمدة مضاعفة حسب القرار الجمهوري الرقم 807 لسنة 1971، إلا أنهم فوجئوا بهيئة التأمينات الاجتماعية ترفض تطبيق القرار الجمهوري، ولا تريد أن تحتسب تلك المدد مضاعفة في المعاش التقاعدي حسب ما تضمنه القرار، بل إن تلك الهيئة التي يبدو أنها تتبع «دولة أخرى غير مصر» لم تعترف أصلاً بفترة مشاركة هؤلاء في الحرب وصناعة نصر أكتوبر، لأنهم لم يكونوا من العاملين بالدولة وقت انضمامهم إلى الخدمة العسكرية. ورأت أن فترات «الاستبقاء» في القوات المسلحة التي أعقبت انتهاء الخدمة العسكرية الإلزامية، وهي فترات طويلة امتدت لسنوات، لا تدخل في إطار العمل الوظيفي، لأنهم تسلموا أعمالهم بعد انتهاء الحرب، لأنه حسب رأيهم القوات المسلحة لم تدفع عن هؤلاء «الأبطال» التأمينات المستحقة خلال فترة «الاستبقاء».
وقبل أن نعود مجدداً إلى الطنطنة والخطب الرنانة بشأن دور هؤلاء «الأبطال» في صناعة «أكبر نصر في تاريخ مصر الحديث»، هناك سؤال مطروح ينتظر إجابة: لمن يلجأ هؤلاء «الأبطال» ليحصلوا على حقوقهم الشرعية من هيئة التأمينات الاجتماعية التي ترفض الاعتراف بتضحياتهم؟