strong>بلغ المكبّ عقده الرابع من العمر ويحمل في طياته ما يعادل ثلاثمئة ألف قارورة غازصيدا ــ خالد الغربي
نقضت بلدية صيدا التحذيرات التي كانت أطلقتها بـ«فمها» عندما تحدثت عن المخاطر التي قد تنتج من استمرار العمل في مكب النفايات. ويبدو أنها أذنت لنفسها باستئناف الرمي، أو بالأحرى فتح المكب مجدداً لاستقبال أطنان النفايات التي تراكمت على سفحه، من دون توضيح مبررات العودة عن قرار سابق بإقفال المكب واستحداث مركز لفرز النفايات على مساحة من الأرض ألصقت بجانبه، بعدما تعهد الأمير الوليد بن طلال تنفيذ ذلك على نفقته الخاصة في عقد أبرم مع البلدية.
يبلغ مكبّ النفايات في صيدا «العقد الرابع» من العمر، وينتصب الآن بقامة تبلغ عشرات الأمتار، وبعرض يصل إلى مئة متر، وبطول يبلغ نحو مئتي متر، وقد توارثت مشكلته البلديات المتعاقبة. بيد أنه في السنوات الأخيرة، شهد المكب تضخماً لافتاً، أضحى معه يشكل خطراً داهماً على السلامة العامة، وتعدياً سافراً على البيئة. وقد نظمت عشرات الاعتصامات الاحتجاجية من جمعيات بيئية ومهتمين وناشطين، فضلاً عن تحركات لقوى سياسية محلية، بهدف إيجاد الحلول لهذه الكارثة البيئية والصحية. كما أعدت تحليلات على أيدي كبار البيئيين الدوليين تحذر جميعها مما وصفته «الموت البطيء».
ويؤكد خبراء دوليون ومحليون اطّلعوا سابقاً على المكب، أنه يحمل في طياته ما يعادل ثلاثمئة ألف قارورة غاز قابلة للانفجار. وهو يشهد انهيارات متتالية، إما باتجاه الطريق العام أو في قلب البحر، لتلوث عشرات الأطنان من النفايات مياهه، وتذهب بها بعيداً.
واستدعت التشققات المتتالية، وكذلك الانهيارات التي حصلت أكثر من مرة، تحرّكاً من بلدية صيدا لإعلان حالة الطوارئ، فقامت بإقفال المكبّ، وراحت ترمي النفايات إلى جنوبي غربي المكب، بعدما أعلن عن عدم إمكان استيعابه لكميات جديدة من النفايات.
لكن، في ظل انصراف الناس إلى معالجة مفاعيل العدوان الإسرائيلي على الجنوب ولبنان، عادت الشاحنات المحملة بأطنان النفايات، منذ أكثر من شهر، لترمي حمولتها على سفح المكب، بما يتناقض مع الكلام السابق عن إقفاله. وبدا واضحاً أنه أعيد إلى الخدمة لسبب «مجهول»، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة.
فإذا كان السبب سياسياً أو نتيجة تعثر مشروع إزالة المكب نهائياً، المطلوب من المجلس البلدي مصارحة الجمهور الصيداوي، وتوضيح الصورة. فهل الأمر عند الحكومة أو وزارة البيئة أو الشركة المتعهدة بالتنفيذ أو البلدية نفسها؟ وخصوصاً أن مكب النفايات في صيدا، الذي تحول منذ سنوات غلى «قضية ساخنة»، تؤرّق بال الصيداويين وسكان القرى المجاورة، يدخل في «أتون» الصراع السياسي والانقسامات الصيداوية واصطفافاتها. يذكر أن مؤسسة الوليد بن طلال الذي حضر شخصياً إلى صيدا ليرعى الاتفاق الموقع بين البلدية ومؤسسته، كانت قد أعلنت مراراً أنها لن تباشر عملها ما لم تنجز الأوراق القانونية اللازمة للشروع في العمل، الذي تقدر تكاليفه بأكثر من ستة ملايين دولار أميركي.