عفيف دياب
هل بدأ حزب الله بنزع سلاحه تلقائياً؟ وهل ثمة استراتيجية جديدة لعمل المقاومة؟
تتابع جهات سياسية موافقة حزب الله على انتشار الجيش حتى الحدود وصولاً الى مشارف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وتقول هذه الجهات إن الحزب لم يكن ليوافق على الخطوة لولا “ثقته الكبيرة بالجيش”، وإن الحزب “لم ينظر بشك الى ما جرى في ثكنة مرجعيون لأنه يعلم أن القوة الأمنية المشتركة لا تستطيع تسجيل محضر ضبط مخالفة في حق سائق سيارة، وهي أساساً غير مؤهّلة لمواجهة اقتحام اسرائيلي، وإن كان ما جرى لا يبرّئ كبار الضباط”.
ويضيف هؤلاء أن ثقة الحزب بالجيش هي التي سهّلت الانتشار قرب مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وأن ما جرى تداوله من إخلاء جهاز المقاومة لمواقع ليس إلا “إخلاءً” عسكرياً لنقاط مراقبة واستطلاع أكثر مما هي مواقع قتالية.
ويوضح هؤلاء أن ما يعلن عن مصادرة الجيش لمخازن أسلحة في جنوب الليطاني ليس سوى “للتداول الإعلامي”، إذ إن الحزب قرر دعم الجيش ببعض الأسلحة التي “صارت خارج استراتيجيته الجديدة، وربما تشكل عبئاً عليه وعلى جهازه المقاوم” الذي بدأ يتجه نحو عمل من نوع آخر سيبقى سراً حتى موعد إعلانه. ويقول المتابعون “إن حزب الله استفاد كثيراً من تجربة الحرب الأخيرة وهو يدرس وضع كل أوراقه المحرّمة سابقاً، على طاولة نقاش داخلي بحت ومع حلفاء لم يطعنوه من الخلف خلال العدوان، بل كانوا من أشد الأوفياء وشكّلوا حماية شعبية خلفيّة في الداخل اللبناني الذي كان يحاول بعض الساسة التأثير فيه عبر هجمات نفسية لا تقل قساوة عن الهجمات الاسرائيلية”.
ويقول قريبون من التيار الوطني الحر إن حزب الله أثبت أنه “مع المصلحة الوطنية، ومع السيادة والاستقلال الحقيقيين. وهو يتعاطى اليوم مع الأمور بروح عالية، ولا يستغربنّ أحد إقدامه على القول إنه سيقدم للجيش كل أسلحته الثقيلة التي تدعمه في التصدي لأي اعتداءات اسرائيلية، وإن أهداف الحزب على الصعيد الوطني تكاد تتحقق. فمعركة تحرير الأسرى أصبح نصرها قريباً، وتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بات مسألة وقت، والجيش المدعوم، سياسياً وشعبياً من الحزب، سيكون ولي الأمر في استراتيجية الدفاع عن لبنان وسيادته واستقلاله”.
ويشير متابعون من قوى سياسية أخرى أن حزب الله “حقق نصراً كبيراً، ولا يمكن لأحد مهما اختلف مع حزب الله القول إن الحزب هزم، ويجب أن نعترف جميعنا بهذا النصر، ونرفع التحية للمقاومين الذين بدأوا أخيراً في تقديم أسلوب عمل جديد قد يحرج كل القوى السياسية في لبنان التي تطالب بالسيادة والحرية والاستقلال” ويضيف هؤلاء: “ماذا نريد بعد من حزب الله بعدما وافق على نشر الجيش في الجنوب، ورحّب بقوات اليونيفيل، وأعطى ضمانات لدول أوروبية، سترسل قوات إلى الجنوب، بأنها لن تلقى سوى الترحيب، وسلاحه مضبوط؟”.
جهات أمنية متابعة لما يجري في الجنوب، تعتبر قطاع مزارع شبعا المحتل من مهماتها الأمنية، تقدم شرحاً مسهباً لما يجري في الجنوب من تطورات ميدانية. وتقول “إن حزب الله لم يقل إنه تخلى عن دوره المقاوم، وكل المؤشرات الميدانية لحركة الحزب وقواته في جنوب الليطاني وشرق نهر الحاصباني (منطقة العرقوب) تدل بوضوح على أن الحزب يقدم كل التسهيلات لانتشار الجيش، ولاحقاً قوات الطوارئ الدولية، وما يحكى عن إخلاء مواقع ليس إلا من باب خطته التكتيكية الجديدة المرتبطة باستراتيجية لم يحد عنها، وإن أجرى عليها بعض التعديلات بعد العدوان. فالعمل المقاوم الجديد للحزب سيكون أكثر سرّية لأن قواعد اللعبة تتطلّب نمطاً جديداً من المواجهة، والجميع يعلم أنه لم تكن هناك مواقع ثابتة لحزب الله في تلال العرقوب حتى يقوم بإخلائها، وإنما نقاط مراقبة أخليت خلال العدوان”. ولا تستبعد هذه الجهات “أن يقدم حزب الله على تسليم أسلحته الثقيلة إلى الجيش، وعلينا أن نميز بين أن يسلّم هذه الأسلحة بهدوء ونظام الى الجيش بعيداً من التداول الإعلامي والسياسي، وبين أن ينزع بحسب ما يأمل بعضهم ممن لا يعرف قواعد اللعبة وأسرار الصراع مع اسرائيل طوال السنوات الست الأخيرة في جنوب الليطاني ومزارع شبعا”.