«الشتاّمون تعوّدوا أن يكونوا أزلاماً أياً تكن هوية معلمهم»

رأت مصادر قريبة من قصر بعبدا أن «الهجمة غير المسبوقة التي شنتها الأكثرية الموقتة ضد رئيس الجمهورية اميل لحود تستهدف عملياً الدعوة الى التشاور التي وجهها الرئيس نبيه بري». ورأت أن ردود الفعل التي صدرت ضد ملاحظات لحود على مسودة المحكمة الدولية «وما تضمنته من عبارات واتهامات وحملات افتراء وتجن، افتعلها هؤلاء في محاولة مكشوفة لقلب الأولويات التي حددها الرئيس بري للتشاور، وجعل موضوع رئاسة الجمهورية أولوية، حتى اذا رفض الرئيس بري إجراء أي تبديل في المواضيع (وهو ما كان أعلنه)، عمد ممثلو الاكثرية الى تعطيل جلسات التشاور وقطع الطريق أمام أي بحث في موضوع حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب».
واتهمت «بعض أركان الاكثرية الموقتة، بتوجيه واضح من رئيسها الموجود خارج لبنان، بالعمل على وضع الملف الرئاسي على طاولة التشاور، لإقامة معادلة بين التغيير الرئاسي الذي يعملون له، والتغيير الحكومي الذي يسعون الى عدم تحقيقه، ظناً منهم أنهم بذلك يستطيعون ضرب سعي المعارضة الى اعادة التوازن السياسي الى البلاد الذي اختل نتيجة مواقف الاكثرية وممارساتها وارتباطاتها مع الخارج، والتي كشف عن بعض وجوهها الأميـــن العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليـــــل (أول من) أمس».
ورداً على سؤال، أشارت المصادر الى «أن الملاحظات التي أعدها لحود على مسودة إنشاء المحكمة، أخذت طريقها الى الامم المتحدة، لأن المسؤولين في المنظمة الدولية لا يمكنهم تجاهل ملاحظات قانونية ودستورية من رئيس الدولة الذي منحه الدستور استناداً الى المادة 52 منه حق المفاوضة في المعاهدات الدولية».
وأدرجت كلام وزير العدل شارل رزق عن أن ملاحظات الرئيس لحود استندت الى مسودتين موقتتين، «في سياق المواقف الملتبسة التي يتخذها الوزير حيال موضوع المحكمة، اذ إنه أرسل صيغة المسودة الثانية الى عدد من المسؤولين، بينهم رئيسا مجلس النواب والحكومة، وحجبها عن رئيس الجمهورية ولم يرسلها اليه الا بعدما طلبتها دوائر القصر الجمهوري». وتساءلت: «اذا كانت المسودة موقتة فلماذا أرسلها الى المسؤولين للاطلاع وإبداء الرأي؟».
أضافت المصادر إن «ما يؤكد المواقف الملتبسة لرزق قوله في بيان رده على كلام لحود إنه كان يطلع رئيس الجمهورية تباعاً على المفاوضات، مستشهداً بمراسلة وجهها اليه الرئيس لحود في تموز الماضي، في حين أن الحقيقة غير ذلك تماماً، لأن المراسلة المشار اليها كانت في الواقع رداً على تقرير وضعه القاضيان رالف رياشي وشكري صادر عن المهمة التي قاما بها في حينه الى نيويورك، ولم تكن لها أي صلة بالمسودة الثانية التي أرسلتها الامم المتحدة وتولى رزق توزيعها، بدليل أن رئيس الجمهورية لم يطلع لا على المسودة الأولى ولا على الثانية، واضطر بغية الحصول على الثانية الى طلبها رسمياً». وتساءلت عن الأسباب التي جعلت رزق «يقفز من مسألة الملاحظات ليشير الى أن نشر المسودتين يمكن أن يسبب ازمة بين لبنان والامم المتحدة، علماً أن الرئيس لحود لم ينشر المسودتين ولا هو الذي سربهما الى الإعلام، وأن كل ما صدر عن رئاسة الجمهورية كان الملاحظات الرئاسية فقط». ورأت أن «مثل هذا الوحي لإمكان حصول ازمة بين لبنان والأمم المتحدة كان الهدف منه تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية شيء لم ولن يحصل». ورأت في «إيحاء» رزق، «خبرة قديمة لديه في التعاطي مع الإعلام والإعلاميين لا يزال يحنّ اليها».
وتعليقاً على إبداء الرئيس فؤاد السنيورة عتبه لعدم تشاور لحود معه قبل نشر ملاحظاته، رأت المصادر «أن من يجب ان يسجل عتبه في هذه المسألة هو رئيس الجمهورية وليس رئيس الحكومة الذي كان على اطلاع دائم على مجريات المفاوضات، مع الامم المتحدة ومع غيرها من المسؤولين الدوليين، ولم يضع الرئيس لحود في صورتها، ولم يأخذ رأيه في الأفكار التي كانت تنقل الى الامم المتحدة أو غيرها من الدول العربية والأجنبية التي كان يلتقي الرئيس السنيورة قادتها»، مشيرة الى ان السنيورة «قلّل في شكل كامل من زياراته التشاورية الى قصر بعبدا، حتى اقتصرت على زيارتين، الأولى في 12 تموز الماضي قبل ساعات من اندلاع العدوان الاسرائيلي، والثانية يوم الأحد في 8 تشـرين الاول الماضي، وفي الزيارتين كان الهدف البحث في التشكيلات الديبلوماسية والتعيينات الادارية وغيرها من المواضيع التي كانت تهم رئيس الحكومة ويرغب في إمرارها. أما موضوع المحكمة، فلم يكن يوماً مادة تشاور خلال اللقاءين اليتيمين في قصر بعبدا الذي لم يزره رئيس الحكومة خلال العدوان ســــــــــــوى مرة واحدة للاجتماع بأمير قطر خلال زيارته التضامنيــــــــة السريعة».
وعن الحملة التي يشنها وزير الاتصالات مروان حمادة على الرئيس لحود، قالت المصادر إن «لجوء حمادة الى هذا الأسلوب غير اللائق تتجاوز أسبابه مسألة المحكمة الى أمور تتصل بعمله في وزارة الاتصالات وبالحماسة التي يبديها لتأليف الهيئة الناظمة للاتصالات، وفق تركيبة تضمن ولاء الأشخاص المقترحين لرئاستها وعضويتها، للخط الذي يمثله والمصالح التي يحرص على تأمينها، ولا سيما أن من مهمات الهيئة التعاطي مع خصخصة القطاع الخلوي التي ستكون مادة خلافية، لأن مؤشرات بيع القطاع باتت واضحة، وللوزير حمادة رأي خاص في شروط البيع والمستفيدين».
وختمت المصادر بأن الحملة على رئيس الجمهورية «ستزداد لأن أمر العمليات، صدر من اركان الاكثرية المؤقتة الى الدائرين في فلكها من جوقة الشتامين من وزراء ونواب لتكثيف تصريحاتهم وانتقاء العبارات القاسية والمجرحة لأنهم يظنون أنهم بمثل هذه الحملات يضغطون على رئيس الجمهورية ويرهبونه... علماً أن هذه الحملات لن تزيده سوى قناعة بأن مواقفه صحيحة وخياراته وطنية وقومية، وحرصه على مصلحة لبنان وشعبه هو الاساس، لأن من تصدر عنهم هذه الحملات ثبت تورطهم في مخططات مشبوهة تصب في النهاية في خدمة مصالح أعداء لبنان، وهؤلاء الشتامون اعتادوا أن يكونوا تابعين وأزلاماً ولا بأس عندهم اذا تغيرت هوية المعلم ومقر إقامته»!.
(الأخبار)