البقاع ـ عفيف دياب
الرئيس لحود سيجد مارونياً لتولّي رئاسة الحكومة الانتقالية والأمر غير وارد عندي

أبدى رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد ارتياحه لحال «الشارع السني» الذي «بدأ يتحرر من خاطفيه» الذين يعملون على «تزوير» حقيقته الوطنية والقومية. وانتقد مراد في حديث مع «الأخبار» بعض الرموز والمرجعيات السنية التي «لم تعمل على وضع حد للغرائز والتحريض، وتحولت إلى طرف ضد آخر»
ويرى مراد الذي سيطلق قريباً سلسلة تحركات وأنشطة حزبية وثقافية في البقاع الغربي أن الهدف الأميركي في لبنان «سجل نجاحاً مؤقتاً، واليوم نرى أن الشارع السني في لبنان وبعض الدول العربية بدأ يعود إلى موقعه الصحيح. فقد كان لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما يجري في العراق، الدور الكبير في تغيير بعض مفاهيم وقناعات مجموعات كبيرة من اللبنانيين، وتحديداً السنة منهم».
ولا ينفي مراد أن الولايات المتحدة «استغلت أخطاء» الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية في الفترات السابقة ووجدت فيها باباً لتحريض الشارع العروبي في لبنان ضد تاريخه، «وللأسف نجحوا في جرّ هذا الشارع إلى موقع آخر».
أما «رموز» التيار القومي والعروبي في لبنان فإنهم «عندما شاهدوا العاصفة أحنوا رؤوسهم وتقاعسوا عن المواجهة، ما شجع الآخرين على الاستمرار في نحر هذا الخط. لكننا ومن صمد في الخط العروبي، قررنا المواجهة والتصدي لمحاولات خطف الشارع السني وتحويله إلى شارع مذهبي، ونستطيع القول إننا بدأنا نلمس نجاحات من خلال الحوارات التي نجريها مع الناس في لبنان، والبقاع تحديداً، حيث كنا بالأمس القريب نواجه بردود فعل قاسية وعمليات تخوين وهدر لدمائنا، أما اليوم فإن النقاشات بدأت تأخذ شكلها العاقل والناس يتقبلون الحوار». ويوضح مراد «إننا انتقلنا من مرحلة الحوار المقطوع إلى الحوار الواعي، وإن نسبة التحسن في الشارع السني، وخصوصاً في البقاع، أصبحت كبيرة، وهناك مجموعات نلتقي معها وهي اليوم إما مع وجهة نظرنا أو قررت الوقوف على الحياد بعدما لمست أن البعض يريد نسف تاريخها يريد البعض نسفه وتزويره».
ويؤكد مراد أن «التواصل والتحاور بين رموز سنية وشيعية في لبنان يؤدي دوراً في تهدئة الأمور والحد من الغرائز» و«لدينا كل الحرص على إقامة هكذا حوارات ولقاءات، ونحن في البقاع لمسنا أهمية هذه اللقاءات بعد اجتماع مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس مع عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك،ما أثمر نتائج إيجابية، ووضع المجموعات المتطرفة عند حدها، فتراجعت نسبة التحريض في الشارع، لكن البعض لا يزال يستغل دماء الرئيس الحريري للتحريض ولإبقاء الشارع السني مخطوفاً».
ويأسف مراد لدور دار الفتوى في لبنان، متهماً الدار بأنها «تحولت إلى طرف ومع فريق سياسي لا يمثل كل السنة في لبنان، وقلنا لمفتي الجمهورية (الشيخ محمد رشيد قباني) إن هذا الأمر لا يجوز، ويجب على دار الفتوى والمفتي أن يكونا على حياد، لأن ذلك انعكس سلباً على المناطق. فالتعيينات التي تجريها دار الفتوى ــــــ على سبيل المثال ــــــ تكون لمصلحة طرف معيّن وتتجاوز القوانين. أتفهّم أن يتجاوز رجال السياسة القوانين، لكن أن تتجاوز دار الفتوى القوانين، وهي قوانين إلهية تقوم على العدالة والمساواة، فهذا ما لا يجوز».
وأكّد الوزير السابق أن «المعارضة على موقفها، وهي في صدد وضع آلية جديدة للتحرك للمستقبل القريب رغم الدعم الخارجي الذي تتلقاه قوى الموالاة». وأوضح أن «المعارضة ستضع تصورات للحل، ومن دون التنازل عن مطالبنا الأساسية».
لكن إذا وافقت الأكثرية على إعطاء المعارضة «الثلث الضامن» اليوم فهل تحل الأزمة؟ يجيب: «طبعاً، لأن المحكمة أصبحت خلفنا وضمتها الولايات المتحدة إلى القرارات الدولية، لكن في حال تأليف حكومة وحدة وطنية سيعيد مجلس الأمن المحكمة إلى الحكومة، وإذا لم نصل إلى حكومة وحدة وطنية ودخلنا في الاستحقاق الرئاسي فإن الأمور ستتعقد، لأن الأجواء التوافقية حول الاستحقاق الرئاسي غير متوافرة حالياً، وقد نصل إلى حكومتين».
وعما إذا كان مرشحاً لتولي الحكومة الانتقالية، يقول: «من المبكر الحديث في الأمر. إذا بقي فريق الموالاة مصراً على موقفه فستدخل البلاد في فراغ ونصل إلى حكومتين»، مؤكداً أنه «لم يطرح عليّ ترؤس حكومة انتقالية، وهو أمر غير وارد عندي، وأعتقد أن الحكومة الانتقالية، كما جرى العرف، ستكون برئاسة شخصية مارونية، وسيجد الرئيس إميل لحود مارونياً ليتحمل هذه المسؤولية الوطنية. أما حكومة جديدة فالأمر خاضع للبحث».
وجدد مراد موقف المعارضة الداعم للعماد ميشال عون في الوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، داعياً المعارضة إلى «وضع خطة وطنية واضحة للتصدي لهذه المجموعة الحاكمة المتعنتة التي ترهن سيادة لبنان للسياسة الغربية وتدخله في نفق مظلم». وأعرب عن اعتقاده بأن نواب المعارضة، في حال عدم التوافق والتفاهم على رئيس للجمهورية، «سيقاطعون جلسة الانتخاب، وهذا حقهم الدستوري».
وهل يقاطع نواب كتلة الرئيس نبيه بري الجلسة التي يدعو إليها؟ يجيب مراد: «بالتأكيد، فالرئيس بري سيدعو إلى عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بصفته رئيساً للمجلس، ويحق لأعضاء كتلته البرلمانية ألا يشاركوا في الجلسة وألا يحضروا، فالأمران منفصلان».
وعن موقف سوريا من الاستحقاق، يوضح مراد أن «لا مرشح لسوريا في لبنان، وهي ستدعم أي مرشح تسميه المعارضة الوطنية، وهذا كلام دقيق وليس دعاية. وإذا وجدت صيغ أميركية حول الرئاسة ويتطلب الأمر موافقة سوريا فإنها ستلجأ إلى المعارضة لتعبّر عن موقفها، ولن يكون عندها مرشح لا توافق عليه المعارضة».
هل تزور سوريا وتلتقي المسؤولين هناك؟ يجيب مراد بأن زياراته لسوريا لم «تنقطع، وكنت متهماً منذ سنة تقريباً بأنني أزور سوريا سراً، وأقول بكل صراحة ووضوح إنه بعد هذه الاتهامات بدأت أزور سوريا مرة أو مرتين في الأسبوع نكاية بهم، أزور دمشق بكل فخر واعتزاز (...) ولا أزور واشنطن أو باريس سراً للتآمر على بلدي وأهلي، وعلى قوميتي وعروبتي».